يعتبر التّسامح أحد المبادئ الإنسانية، وما نعنيه هنا هو مبدأ التّسامح الإنساني، كما أنّ التّسامح في دين الإسلام يعني نسيان الماضي المؤلم بكامل إرادتنا، وهو أيضاً التخلي عن رغبتنا في إيذاء الآخرين لأيّ سببٍ قد حدث في الماضي، وهو رغبة قويّة في أن نفتح أعيننا لرؤية مزايا النّاس بدلاً من أن نحكم عليهم ونحاكمهم أو ندين أحداً منهم.
إنه من أجمل مزايا الإسلام.. ومن كريم خصاله العظام.. أنه ربى إتباعه على أعظم الأخلاق وأجملها وأكمل الطباع وأفضلها.. كيف لا.. وسيد البشر أدبه ربه ورباه.. على أجمل الطباع جبله وهداه صلوات الله وسلامه عليه ومن الخصال الحسنة والطباع المستحسنة. التسامح
فما هو التسامح يا ترى؟
· التسامح: خلق عظيم.. ومنهج قرآني قويم.. فهو العفو عن الزلل.. والصفح عن الخلل، ولا يوفق إليه.. إلى من أحبه الله ورضيه من المقربين إليه، ونفس المسامح نفس سامية، كريمة عالية، لماذا؟ لأنك لن تسامح إلا من ظلمك.. واخطأ عليك وجار!! وهل يقدر على هذا إلا من تربى على مائدة القرآن، ونصقل بأخلاق سيد ولد عدنان، ووافق هذا وذاك توفيق من الله تعالى.
والتسامح أمر عظيم.. وهو منزلة كبرى.. وعبادة عظمى إن الله الذي قال هذا سبحانه قال في الصفح والتسامح.. العفو والرضي (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) فمن ذا يتصور عظم اجر تكفل الله.. خالق الخلق.. بأنه عليه سبحانه!!
جاء في الأثر.. إن يوم القيامة.. وعند المحشر.. ينادي المنادي.. أين الذين أجرهم على الله فليقوموا.. فيقوم الكاظمون الغيظ.. العافون عن الناس.. الله اكبر.. فما أعظم هذا الخلق.. وما أكرمه على الله.
لذا.. تخلق المصطفى صلى الله عليه وسلم به. فكان سمة له.. عفو مسامح.. حتى وصف بأنه لا ينتقم لنفسه أبدا، أما إذا انتهكت محارم الله.. فلا يرضى أبدا صلى الله عليه وسلم، رسول الله يأتيه الأعرابي الغليظ.. فيقول له: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. ومرة يقول: اعدل يا محمد.. وثالثة ورابعة حتى يثور بعض الصحابة رضوان الله عليهم .. فيطلبون الإذن من النبي بقتله.. فيردهم النبي.. ويعفو عنه ويصفح..
وأعرابي آخر.. ينهر المصطفى وهو يقول له: أعطني يا محمد من مال الله.. لا من مالك ولا مال أبيك.. فيعطيه وهو يبتسم صلوات الله عليه وسلامه عليه.. وآخر.. يمسك بجمع ثياب المصطفى.. حتى يؤثر الشد على رقبته.. فيعفو ويصفح.. ويرضى ويسامح، بل لا أدل على هذا الخلق العظيم.. مثل موقفه.. مع الأسرى.. الذين قاتلوه فقتلوا أصحابه.. وحاربوه وشردوه وذويه.. فلما مكنه الله منهم.. قال لهم: ما تظنوني فاعل بكم.. قالوا: وهم كفار ولكنهم يعلمون عظم خلق المصطفى وعفوه وتسامحه.. فقالوا له، أخ كريم.. وابن أخ كريم فقال لهم: اذهبوا فانتم الطلقاء.
فيجب على كل مسلم التحلي بأخلاقه صلى الله عليه وسلم والتأسي في التمسك بقيم العفو والتسامح.