خصَّ الله من استقام على دينه بكثير من الخيرات وأعظم النعم، والاستقامة فضلها عظيم ومنزلتها أشرف, فقال تعالى:{قُلْ آمَنْتُ بِالله ثُمَّ اسْتَقِمْ}، ونحن نحتاج للاستقامة كثيرا خاصة بعد اهتزاز ثوابتها عند البعض , فمنا من يحتاج إلى استقامة ومنا من يحتاج إلى تجديد الاستقامة ومتابعة النفس من زيغها وتهاونها وتساهلها ولكم بكى بعدما حكى زماننا اليوم نماذج ممن زاغت قلوبهم فانتكسوا بعدما استقاموا وحاروا بعدما كاروا , ومن فوائد الاستقامة أن جماع الخير في الاستقامة بعد الإيمان و لأن شأنها عظيم أرشد النبي صلى الله عليه و سلم لها ، فلما كان شأن الاستقامة عظيماً وهي أيضا عزيزة أرشد إليها النبي صلى الله عليه و سلم بعد الإيمان، فمن الناس من يأتي بالإيمان اعتقاداً و قولاً و عملاً لكنه يعوجُّ في طريقه ويقصِّر في عمله، و الاستقامة هي الثبات على طريق الحق و الاستمساك به، فهي طريق النجاة، و لذا أمر الله عز وجل بها و رتب عليها فضائل عدة كما سيأتي.
فمنا من يستقيم على شرع الله تعالى و ظاهره يخالف ذلك و تراه ربما يشير إلى صدره و يقول : ( التقوى هاهنا ) فزعمه باطل و دعواه كاذبة، فاستقامة القلب تنقاد إليها الجوارح , و كذا من استقام ظاهره ولم يستقم قلبه فاستقامته مخرومة , فليست هي الاستقامة التي يريدها الله تعالى، فمن عمر قلبه بفتن الشهوات و ساء عمله حمل قلبا مسودَّاً أو قلبا قليل التعلق بربه و مهابته و خشيته و إجلاله و تعظيمه و التقرب إليه بالعبادات القلبية فأنى لقلبه استقامة؟