ربك أغدق عليك من نعمه العظيمة، وأجزل عليك من عطاياه الجسيمة؛ لتشكره عليها والشكر هو الغاية من خلقه وأمره، قال تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) "سورة النحل آية 78".
وأفضل الأدعية دعاء الرب العون على مرضاته بشكر نعمه وعبادته، قال شيخ الإسلام: "تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في إياك نعبد وإياك نستعين"
وكل نعمة لا تقرب من الله فهي بلية، قال الفضيل: "عليكم بملازمة الشكر على النعم فقلّ نعمة زالت عن قوم فعادت إليهم" وإذا رأيت ربك يوالي عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره.
والشاكرون هم قلة في الخلق، فكن مع تلك الثلة القليلة المباركة قال جل وعلا: (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور ) "سورة سبأ آية 13".
قال الشاعر:
إذا كنت في نعمة فارعها فإن الذنوب تزل النعم
وحطها بطاعة رب العباد فرب العباد سريع النقم
كيف أشكر نعم الله؟
- فشكر النعم بالقلب يكون بنسبتها إلى بارئها قال تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ) "سورة النحل آية53".
- وشكرها باللسان يكون بالإكثار من الحمد لمسديها ،فالحمد رأس الشكر وأوله ، وهو من أفضل ما تحرك به اللسان ، قال صلى الله عليه وسلم: (والحمد لله تملأ الميزان) "رواه مسلم"
- وشكرها بالجوارح يكون بالاستعانة بها على مرضاة الله ، ومنع استخدامها في مساخطه وعصيانه، وأسعد الخلق من جعل النعم وسائل إلى الله والدار الآخرة، وأشقاهم من توصل بنعم الله إلى هواه ونيل ملذاته.
وكن قنوعاً بما رزقك الله تكن أشكر الناس ، وتذكر أن شكر نعم الله عبادة من أجل العبادات، قال صلى الله عليه وسلم : ( الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر)" رواه البخاري ".
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .