فحق الوالدين على الأبناء لا يستطيع أن يحصيه إنسان ، فهما سبب وجود الأبناء والبنات بعد الله عز وجل ، ولن يستطيع الأبناء أن يحصوا ما لاقاه الأبوان من تعب ونصب وأذىً ، وسهر وقيام، وبرُّ الوالدين له فضل عظيم، وأجر كبير عند الله سبحانه وتعالى، فقد جاء الأمر الإلهي بطاعتهما بعد الأمر بعبادته سبحانه وتعالى، في أكثر من موضع في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
إن الإحسان إلى الوالدين من أفضل القربات، فقد أوجب ديننا الإسلامي برّ الوالدين والإحسان إليهما في حياتهما وبعد مماتهما، فالإحسان إلى الوالدين هو وصية الله سبحانه وتعالى لعباده، كما في قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ)، «سورة العنكبوت، الآية 8»، كما جعل سبحانه وتعالى الإحسان إليهما بعد الأمر بعبادته وحده لا شريك له، كما في قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، «سورة الإسراء، الآية 23»، كما قرن سبحانه وتعالى شكر الوالدين بشكره، فقال سبحانه وتعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)، «سورة لقمان، الآية 14
لذلك يجب على الأبناء أن يحرصوا على برِّ الوالدين ورعايتهم وأداء الحقوق إليهم، كما جاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: أقبلَ رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أُبايعُك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجرَ من الله تعالى، فقال: «فهل مِنْ والديك أحدٌ حَيٌّ؟ «قال: نعمْ بل كلاهما، قال: «فتبتغي الأجرَ من الله تعالى؟»، قال: نعم، قال «فارجع إلى والديك، فأحسنْ صُحْبتهما»، (متفق عليه)، وفي ورواية: «جاء رجل فاستأذنه في الجهاد، فقال: «أَحَيٌّ والداك؟» قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد».
حذَّرت شريعتنا الغراء من عقوق الوالدين، وعدم طاعتهما، وإهمال حقهما، وفعل ما لا يرضيهما، لأن ذلك من أكبر الكبائر لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «ألا أُنبِّئكم بأكبر الكبائر؟» (ثلاثاً)، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالدين...»، (أخرجه البخاري). ومن العقوق أن تجلب اللعنة لوالديك لأن ذلك من كبائر الذنوب، كما جاء في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «من الكبائر شتمُ الرجل والديه!»، قالوا: يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟! قال: «نعم، يسبّ أبا الرجل، فيسبّ أباه، ويسبّ أمه، فيسبّ أمه»، (متفق عليه)، وفي رواية: «إنَّ من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه!»، قيل: يا رسول الله، كيف يلعن الرجل والديه؟! قال: «يسبّ أبا الرجل، فيسبّ أباه، ويسبّ أمه، فيسب أمه.
أجاز الله للوالدين أحكاماً تخصّهما دون غيرهما، فللوالدين الحق في الأخذ من مال الابن لقضاء حوائجهما، ولكنّ لا يحق أن يأخذوا من مال ابن لصالح ابن آخر، وليس للولد أن يطالبهما في دين، وفي المقابل على الوالدين الاهتمام بالأولاد، وعدم التفريق بينهم، وإن حدثت معارضة بين مصالح الأب والأم فمصالح الأم تقدّم على الأب. أخيراً من برّ بوالديه نال رضى الله ومحبته، واستحق جنته، كما أنّ الله يسهّل له في حياته، وينجيه من كروبه ومصائب، فهو من أحب الأعمال إلى الله بعد الصلاة في وقتها.
معيض الربيعي
حق الوالدين على الأبناء
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/229881/
المحتوى السابق المحتوى التالي
أضف تعليقاً إلغاء الرد
This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.
1 ping