الحمد لله رب العالمين، أمر أن لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إنّ الشّريعة الإسلامية قد أمرت المسلمين بأن يحققوا الأخوة بينهم، وأن يجتنبوا التدابر والتقاطع وهجْرَ بعضهم بعضاً فوق ثلاث، وغير ذلك ما هو منافٍ للمحبة والألفة بين المؤمنين، فقال سبحانه وتعالى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ الحجرات -10 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحلّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث أيام ) رواه البخاري فإن هجر المسلم يُعدُّ كبيرة شريطة أن يكون فوق ثلاث، وألا يكون لغرض شرعيٍّ؛ لما في ذلك من التقاطع والإيذاء والفساد ، فإذا زاد الهجر بين الإخوان فوق ثلاث كان حراماً لما يترتب عليه من تفكك اجتماعي، وزيادة البغض والكراهية، والشحناء بين المتهاجرين، ويُستثنى من التحريم ما إذا عاد الهجر إلى صلاح دين الهاجر والمهجور وإلا فلا يجوز، فإذا ترتب على هذا الهجر الزجر للمهجور عما وقع فيه من ذنب، وكان الهجر ردعاً له حتى يرجع إلى الصلاح والحق، فهذا فيه مصلحة ،أما إذا لم تكن ثمة مصلحة ،وكان الهجر يُؤدِّي إلى زيادة فساد المهجور وفسقه ،وذهابه مع المفسدين فهذا ليس فيه مصلحة، وضرره أكبر من نفعه، فالمسلم العاقل يضع الأشياء في مكانها المناسب ،ويتصرف تصرفاً يعود نفعه على المجتمع.
أخي المسلم إن الأمة الإسلامية تعاني من أمراض عدة، تحاول أن تفتك بجسمها المتين، وتهد حصنها المنيع "الإسلام"، فالأعداء يعملون ليلاً ونهاراً على إضعاف هذا الجسم والفتك به بكل ما يقدرون عليه ،فلا تهجر أخاك لأسباب دنيوية، أو أغراض نفسيه فوق ثلاث ليال فالهجر يعمل على القطيعة بين أبناء الإسلام، ويفسد الأخوة المتينة، ويقطع العلاقة الحميمة، فيظهر الجفاء والحقد، وتزداد العداوة والبغضاء, ويُفتح الباب للشيطان ليعمل على التحريش بين المؤمنين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين