?الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي -حفظه الله ورعاه وسدد خطاه -?
من يقول أن المأموم لا يقرأ الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية فهو مذهب مرجوح لما يأتي :
?? أولاً؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرّق بين سرّية وجهرية
??ثانياً: أن الصحابي أبا هريرة-رضي الله عنه- لما بيّن أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الفاتحة وأنه على العموم ، قال له الفارسي: أرأيت لو قرأ الإمام-أي أني لا أستطيع أن أقرأها والإمام يقرأ- فقال له : إقرأها في نفسك يافارسي..
?? فقوله اقرأها في نفسك يدل على أنه يلزمه أن يقرأها ولو كان وراء الإمام، ولو كانت الصلاة جهرية، وأما قوله تعالى( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون)؛ فإن هذا يُحمل على مابعد الفاتحة، وأما إذا كان الإنسان مشغولاً بالفاتحة، فإننا نقول تعارض واجبان :
الواجب الأول : متصل؛ وهو قراءتك للفاتحة تصحيحاً لصلاتك.
الواجب الثاني : منفصل؛ وهو استماعك لقراءة غيرك، فليزمك أولاً أن تقوم بما فرض الله عليك في خاصة نفسك من أداء الواجب الذي فرض الله ودلت عليه السنّة الصحيحة من أن الصلاة لاتصح إلا به، وهو قراءتك للفاتحة، ثم إذا فرغت من قراءة الفاتحة أنصت لقراءة القرآن لأنك مشغولٌ بواجبٍ متصلٍ بك، وإذا تعارض الواجبان المتصل والمنفصل قُدّم الواجب المتصل، هذا متعيّن عليك في خاصة نفسك فصلاتك لاتصح بدون الفاتحة،
?? ثم الذين يقولون بأنها تسقط في الجهرية، هم يُسلّمون بأن الفاتحة ركن.. ويسلّمون بأنها لازمة ويسقطونها في حال الجهرية، فنقول لهم:
كيف استدللتم على الغير بلزومها في غير الجهرية وأنتم تقولون بأنها ركن!
فإن هذا العموم يشمل ما إذا كان وراء الإمام، ما إذا كان يقرأ جهراً أو سرًّا فالحكم عام وعلى فمذهب من يقول بالعموم دون التفريق بين الصلاة السرية والجهرية هو أقوى وأرجح.. ولذلك لو أنك جلست مع رجل بجوارك يقرأ القرآن ورفع صوته وأنت مشغول بقراءة القرآن لم يَلزمك أن تنصت إليه، لأنك مشغول بالقراءة في خاصة نفسك، فكيف إذا كان الذي تقرأها فرضاً لازماً في حقك، فهذا تدل أصول الشريعة فيه على صحة وقوة مذهب من يقول: أن يشتغل المصلي بما فرض الله عليه في خاصة نفسه، وأن الإستماع والإنصات لايضره، وفي حديثٍ حسنه حينما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الفجر فجهر وراءه الصحابي فقال عليه الصلاة والسلام : مالي أنازع القرآن، ثم قال لاتفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فنبه أن مابعد الفاتحة لا يُتابع فيه، وإنما يُنصت فيه، فيُحمل قوله سبحانه( وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له ) على الإنصات بعد قراءة الفاتحة، وهذا معنى نزولها في الصلاة أي أنه ينصِت ولا يتابع الإمام فيما بعد الفاتحة، وهذا هو أصح قولي العلماء وهو مذهب جمهور الجمهور رحمهم الله.