الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين، وحجة الله على المعاندين، ورحمته للعاملين - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعدُ:
فإن السفر إلى بلاد الكفر فيه أخطار متعدِّدة على الدين، والعقيدة، والأخلاق، والأموال التي سوف يُسأَل عنها الإنسانُ، ممَّ اكتسبها؟ وفيمَ أنفقها؟ ونَظرًا لكثْرة المسافرين إليها من الشباب بين الحين والآخر، ولِمَا يُحَتِّمُه واجبُ النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم؛ فقد جَمَعْتُ في هذا الموضوع ما تيسّر لي جمعه، مما أفاده كتابُ الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكلام المحققين من أهل العلم، من الحذَر من أعداء الإسلام ومكايدهم ومخططاتهم ضد الإسلام وأهله، ومن التحذير من السفر إلى بلاد الكفر، وخطره على العقيدة والأخلاق، والتحذير من التشبُّه بالكفَّار في جميع المجالات؛ لأنَّ مَن تَشَبَّه بقوْمٍ فهو منهم، والتنبيه على:
ظاهرة قضاء الإجازة خارج البلاد، وما فيها من سلبيات متعددة، وأخطار كثيرة على دينهم ودنياهم، وعقيدتهم وأخلاقهم؛ لأن السفر إلى بلاد الكفار من أسباب موالاتهم ومحبتهم، والإنسان مع مَن أحب يوم القيامة.
كما أنَّ السفَر إلى بلا الكفَرة من أسباب مشابهتهم والتزَيِّي بزِيِّهم، والتأثر بهم، وتقليدهم، والتخلق بأخلاقهم، وهم أعداء الله، وأعداء كتابه، وأعداء رسوله، وأعداء دينه، وأعداء المسلمين.
وقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بالوعيد الشديد على موالاة الكافرين، ومشابهتهم، والركون إليهم - كما سيأتي.
والسفر إلى بلاد الكفار على نوعَيْن:
أحدهما: السفر للضرورة؛ كالعلاج، والتجارة، والتخصصات العلمية التي لا يوجد لها بديل مماثل في الداخل، فيجوز السفر لذلك، مع التحفُّظ والصيانة، والتحصُّن من كيد الأعداء، وإظهار العداوة لهم، والبراءة منهم، وإقامة الشعائر الدينية؛ كالصلاة، والصوم، والأذان.
وأما السفر إليهم لغَيْر ذلك؛ كالنزهة، والسياحة في بلاد الكفار، أو السفر للدراسة التي ليست ضرورية، أو يوجد لها بديل في الداخل مماثل؛ كالعلوم الدينية، واللغة العربية، فلا يجوز السفر لذلك إلى بلاد الكفر، كما لا يجوز السكن معهم؛ لِمَا تقدَّم ولِمَا سيأتي.
ويستثنى من ذلك السفر إلى تلك الديار للدعوة إلى الله تعالى، لمن يجيد لغتهم، أو كان معه مترجِمٌ، فإنها من أفضل الأعمال لِمَنْ صحّت نيتُه؛ لقول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].
أسأل الله تعالى أن ينفعَ بهذه الرسالة، وأن يوفقَ المسلمين لسلوك صراطه المستقيم، المجانب لطريق المغضوب عليهم والضالين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول