بين الفينة والأخرى أتابع مثلما يتابع غيري من التربويين ما يحدث من سلوكيات غير مألوفة في ميداننا التربوي والتعليمي ، بل لا تمت بصلة الي ما يتوقع أن يحصل في أحد معاقل التربية والتعليم ( المدرسة ) التي تحمل هم التربية والتعليم ، وتربي الناشئة على حب الأصالة في الفكر، وتذكي فيهم حب التنافس في طلب العلم والمعرفة ، وتكسبهم المعارف والمهارات بأسلوب تربوي نشط يعتمد بدرجة كبيرة على شراكتهم فيها ، وتغرس فيهم القيم الأصيلة وفق ما جاء في شريعتنا الغراء كتاب الله وسنة نبينا محمد صل الله عليه وسلم وهو ما نصت عليه سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية . والمتابع يلحظ بما لا يدع مجالا للشك أن هذه السلوكيات أصبحت ظاهرة في مدارسنا في زمن التقنية التي توسعت خدماتها وانتشرت لتغطي شريحة واسعة من المجتمع الذي أصبح يحاكم وزارة التربية والتعليم باعتبارها المشرعة لقوانين ونظم ولوائح التربية والتعليم من جهة ويحاكم من جهة أخرى المدرسة باعتبارها الطرفية والمحضن الرئيس للتربية والتعليم والذي تعول عليها الوزارة تربية النشء بأسلوب تربوي رصين وتعليمي جاذب ، وسطي الاعتدال ، وكما يراها المجتمع أن المعقل الذي يؤتمن فيه فلذات أكبادهم .
ومن وجهة نظري أرى هناك من الأسباب على الاقل من جهة المدرسة والتي جعلتها ظاهرة وتستحق الدراسة والوقوف عند مسبباتها ومن تلك المسببات .
١/ غياب الضبط المدرسي في ظل نظام مدرسي غير واضح أقرب للطالب منه للمعلم ، مما أوجد خللا في ضبط الطلاب في اليوم الدراسي وتوجيه العمليات داخل بيئات التعلم بما يحقق فرصا تعليمية يفاخر بها ، وهذا السبب قد يشترك فيه صانع القرار والنظام في وزارة التربية والتعليم باعتبارها المشرع والمدرسة باعتبارها الجهة التي تنفذ ويقع على كاهلها عب ء تطبيق النظام إضافة الي مهامها الأخرى المسندة إليها من تربية وتعليم .
٢/ غياب أدوار القيادة المدرسية ومن يشاركها الدور من المعلمين والمرشد الطلابي ورائد النشاط ومسؤول التوعية الاسلامية ان وجد
والموظفين الإداريين الذين تسند لهم مهمات متابعة الطلاب ان وجدوا ، والخيط الناظم لها جميعا هو القائد المدرسي ، فالقائد النشط هو من يخطط لعملياته ويوظف كل الإمكانات البشرية والمادية من أجل إنجاح خطته ويتابع كل العمليات اليومية الاشرافية والتدريسية والتعليمية بتفاصيلها الدقيقة ، إن هذا الغياب الذي قد يلقي بضلاله بدرجة كبيرة وواضحة على سير اليوم الدراسي في المدرسة بالشكل الذي يسهم في عدم وجود ممارسات أو سلوكيات قد تخل بأدوار المدرسة وعملياتها الاشرافية والتدريسية والتعليمية . وهذا السبب قد يقع عبئه بالدرجة الأولى على القائد المدرسي .
٣/ ضعف الاشراف اليومي في المدرسة وهذا السبب له ارتباط مباشر بالسبب الأول ، وهو أيضاً من الأسباب المهمة في ظل وجود الجداول المدرسية المزدحمة للمعلمين وقلة الموظفين الإداريين المعنيين بالإشراف اليومي لاسيما في المدارس التي بها مراحل عليا ، وحتى وإن وجد اشراف يومي فقد لا يرقى إلى ما يحقق ضبط النظام الكامل الذي يسهم في إيجاد يوم دراسي خال من أي ممارسات أوسلوكيات خارجة عن المألوف سواء من جانب الطلاب او من جانب العاملين في المدرسة ،
وهذا السبب قد تشترك فيه أطراف أخرى منها وزارة التربية والتعليم من خلال تبني آليات ونظام يحكم فعالية اليوم الدراسي وضبطه وإعطاء مزيد من الصلاحيات للمدرسة بتطبيق عقوبات رادعة بحق الطلاب المخالفين للنظام المدرسي وبما يسهم في إعادة هيبة التعليم في مدارسنا ، وتبني نشر ثقافة الالتزام المدرسي في أوساط المجتمع من خلال القنوات المتعددة دعما للمدرسة وهيبتها . وتهيئة كل الظروف والسبل الممكنة للمدرسة لتمارس أدوارها الاشرافية والتدريسية والتعليمية .
وقد تشترك فيه المدرسة كونها لا تلتزم بضبط النظام المدرسي من خلال إيجاد خطة واضحة يشترك فيها من له علاقة ، وتتبنى من المبادرات الفاعلة في ضبط النظام ، والعمل على إبراز اللوائح والأنظمة والتعاميم ذات العلاقة بضبط النظام داخل المدرسة في مكان بارز ليطلع عليه الجميع ، ويضاف إلى ذلك أن تشرك المدرسة طلابها في حفظ النظام من خلال خطة واضحة المعالم تتضح فيها الادوار والمسؤوليات ويشعر الطالب أنه الداعمين لضبط النظام .
٤/ عدم قدرة الكثير من المعلمين على ادارة الفصل وقلة دافعيتهم . وهذا السبب قد يكون واضحا وجليا لدي المعلمين الذين لم يتدربوا علي فكر المشاريع الوزارية التي تؤكد على التعلم البنائي وشراكة المتعلم في الحصة وواضحة بشكل لدى المعلمين الجدد . وهذا السبب قد تشترك فيه أطراف عدة منها ماهو متعلق بالقيادة المدرسية ومنها ماهو متعلق بخطة برامج التدريب ومنها متعلق بالمدربين أنفسهم ، وهناك سبب رئيس وجوهري متعلق بخطة الوزارة ذات العلاقة بنشر ثقافة المشاريع الوزارية .