سم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد ...
ملك الأعضاء وقائدها .
إن الرب جل جلاله لم يخلق خلقه بلا غاية ولا هدف ، بل جعلهم مكلفين لهم أوامر يأتمرون بها ، ونواهي ينتهون عنها ، وألزمهم فهم كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حتى يقوموا بها على الوجه الصحيح وأعطاهم من الأدوات ما يعينهم على تعلم هذا العلم والعمل به من قلب سمع وبصر وجوارح ونعمة منه وفضلا .
وجعل القلب هو القائد لها المتصرف فيها ، فهو الذي تصدر منه الأوامر إليها وهي تحت قهره تكتسب منه الاستقامة أو الزيغ لأنها لا تعمل عملاً حتى يصدر منه قصد به ونية قال صلى الله عليه وسلم : " .. ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كُلُّهُ ، وإذا فسدت فسد الجسد كُلُّهُ : ألا وهي القلب " متفق عليه .
و قال صلى الله عليه وسلم : ] إنما الأعمال بالنيات[ رواه البخاري ومسلم لذلك كان الفوز والخسارة والثواب والعقاب متعلقاً بالقلب لأسباب أهمها :
1. هذا القلب هو الملك :
قال أبو هريرة رضي الله عنه : " القلب ملك والأعضاء جنوده ، فإن طاب الملك طابت جنوده ، وإن خبث الملك خبثت جنوده " فالجوارح والحواس آلات تفعل ما يأمرها به القلب وتنتهي عما ينهاها عنه. فإذا نظر البصر إلى شيء فهو بأمر من القلب ، وإذا سارت القدمين إلى مكان فهي مأمورة من القلب بذلك وإذا رغب إنسان بطعام فهو مأمور من القلب بذلك وهكذا جميع الجوارح .
2. القلب هدف ومحط النظر :
فالرب جل جلاله يريد من هذا القلب أن يتقيه وأن يحبه ويخافه ويرجوه وينيب إليه ويستعين ويتوكل عليه ... إلى آخره من الأعمال القلبية وهي تظهر بعد ذلك على الجوارح أعمال صالحة خالصة لله عز وجل . عَلِمَ عدو الله إبليس أن مدار الفلاح والخسارة للعبد قائمة على قلبه ، فصّوبَ حربه عليه وأقبل عليه بالشهوات والشبهات يزينها له لتقع منه الأقوال والأعمال المخالفة لشرع الله فيكون له الهلاك . ولا سبيل إلى طرده ومحاربته إلا بدوام تلاوة كتاب الله عز وجل بتدبر وخشوع في الصلاة وكثرة ذكر الله تعالى .
3. القلب هو النافع الوحيد بأمر الله عز وجل :
قال الله تعالى: } يومَ لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم { الشعراء آية : 88/89 فسلامة القلب هي النجاة كما أن قساوته هي البلية ، وتأمل الآية كيف جعل الله المال والبنون بمعنى الغنى ، فالناس تنظر لصاحب المال والأولاد بأنه ولو فقد أحدهما لم يكتمل غناه لذلك عندما حارب الوليد بن المغيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته قال الله عز وجل لنبيه لما اشتد حرصه على دعوة الوليد بن المغيرة وهو يصد عنه قال سبحانه : } ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالاً ممدودا * وبنين شهودا .. { إذا أغناه بالغنى المعروف عند العرب من كثرة المال والولد ، والحقيقة أن الغنى الحقيقي هو سلامة القلب ، لذلك يوم القيامة لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم عند ذلك ينجو من العقاب ويستحق من الرب الثواب .
إذاً لن ينجو هذا القلب ويستقيم إ‘لا إذا طبق شرع الله ، ولن يفوز ويعلو إلا إذا قدم محاب الله على محابه .
رزقنا الله عز وجل قلوباً سليمة وأعمال صالحة سديدة خالصة لوجهه الكريم .
والحمد لله رب العالمين .
معيض الربيعي
ملك الأعضاء وقائدها .
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/227447/