تمر بنا أوقات عصيبة، ومصائب كثيرة، لا نستطيع فيها فعل شيء فنكون فيها في غاية الضعف والهزيمة فنتضجر ونسخط، وكأن هذه المصائب ليست من عند الله!
وأنها قد تكون خيراً لنا، وننسى ما يجب علينا فعله عندها، وما فعله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والانبياء من قبله والتابعين والصالحين من بعده انه الصبر، هذه الصفة التي يجب ان نتسم بها نحن المسلمون وتكون من صفاتنا واخلاقنا، فهو من اسماء ربنا وصفاته سبحانه فهو الصبور.
والصبر هو ما نحتاج اليه لمواجه كثير من احداث الحياة اليومية لكي نعيش بهدوء وعقلانية، وهو متعلق بالإيمان حيث ينال عليه المرء الأجر والثواب، فمن غمر قلبه الايمان تزين بالصبر فهو خلق عظيم وصفة تجعل من صاحبها ذو مكانه عالية وعظيمة يحترمه الآخرون ويعلوه الوقار والاتزان والحكمة.
وهو صفات الأنبياء، فهذا رسولنا الله صلى الله عليه وسلم يصبر على اذى اليهود له على الرغم من انه قادر على الدعاء عليهم بالهلاك، ولكن فضل الصبر رغبة في نيل الأجر من الله تعالى وطمعاً في إسلامهم او إسلام أبنائهم من بعدهم.
وكذلك صبرة على إيذاء جاره اليهودي له عندما كان يرمى الأشواك والقاذورات أمام منزله صلوات الله وسلامه عليه، فبصبرنا نبتغي ان ننال الأجر والثواب من الله فهو القائل: (ولنجزين الذين صبروا اجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
وقد قال رسولنا الكريم في الصبر على اذى الناس "المسلم إذا كان مخالطاً للناس ويصبر على اذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على اذاهم" رواه الترمذي.
ومن ألوان الصبر، الصبر على ضيق الحياة وعسرها من فقر او مرض، فعليه الصبر على ما قسمه الله له ولا يشكو الى الناس، وانما تكون شكواه الى رب الناس، وينظر في حال الأنبياء وما اصابهم فقد قالت عائشة رضى الله عنها " أنه كان يمر الشهران الكاملان دون ان يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، وكانوا يعيشون على التمر والماء ". متفق عليه.
كذلك من ألوان الصبر، الصبر على ما قدره الله لنا من المصائب كموت من نحب او غيرها من المصائب التي تؤلم القلب تصيبنا بالحزن، ولنا في نبي الله ايوب القدوة في صبره على المرض والبلاء الذي اصابة وهو نبي.
ومن ألوان الصبر، الصبر على طاعة الله تعالى، لأن الطاعات تحتاج منا إلى بذل جهد في القيام بها وأدائها على أكمل وجه مثل أداء الصلوات في أوقاتها وغيرها من الطاعات التي تحتاج منا إلى صبر وعزيمة في القيام بها، قال عز من قائل: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها).
وكذلك الصبر على ترك المعصية، فما أكثر المغريات التي ينبغي لمواجهتا التحلي بالصبر العظيم والإرادة القوية لتجنبها.
ومن الصبر ما هو غير محمود! فهناك صبر مذموم وهو الصبر الذي يجعل من الانسان في ذل وهوانا وقد يؤدى إلى التفريط في الدين او إضاعة بعض فرائضه.
والصبر سبب في دخول المؤمنين الجنة، فصبر آل ياسر على التعذيب الذي وجدوه من المشركين بسبب اسلامهم كان سبب في دخولهم الجنة فقد قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة".
اسال الله تعالى ان يرزقنا الصبر ويجعلنا من الصابرين وصلى الله على حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
1 ping