ذاتَ مساءٍ جلسَ حزينا عبدالله.
يتأملُ صورةَ والده ...
بالدمعِ فاضتْ عيناه..
ظل طويلا يتأملُ تلك الصورة...
ويناجي مولاه.
أن يشملَ والدَهُ بالعفوِ...
كي يخرجَ من سجنٍ عاناه.
فتحَ المصحفَ ليراجعَ ...
وليطردَ هما أضناه.
غالبه النومُ ...فنامَ وحيدا...
تحتَ وسادته حلمٌ واراه.
يحلمُ بالبيتِ الدافيء...
أن يحضنَ أمَه ...أختَه ...وأباه.
أن يشكي لأبيه حرمانا لاقاه..
أن يسردَ أحداثَ دراستِه ...
ساعةَ يلقاه...
يخبره عن أستاذه...
لما شجعه ... كرّمه ...ورعاه..
وعن حفلِ الآباءِ...
حينَ والدُ أحمدَ جاءَ و ناداه.
قبله وعنه سأل ووشاحاً أهداه..
************************
كم هو سعيدٌ أحمد...
تشرقُ دوما بالبسمةِ شفتاه..
وأنا عشتُ اليتمَ ...
وتجرعتُ قساوةَ مأواه.
أمي تُرْزَقُ حيَّة...وكذلك حيٌّ أبتاه.
لكني ذقتُ مرارةَ بعدهما...
وتحملتُ همومَ أبي ..
وحصدتُ ما أوكته يداه..
************************
كلُّ همومي تتلاشى ...
حين أرى وجهَ أبي ومحياه.
وبرؤيته أرفعُ رأسي وأنادي..
ياأستاذي!! يا أحمدُ!! يا مدرستاه...
هذا أبتي جاء ليأخذني ...
هذا وعدٌ أوفاه...
سيهديني أبتي ألعابا ...حلوى ...
وثوبا أبيضَ كم أتمناه...
************************
استقيظَ من حلمِه ...
حملَ حقيبتَه ومضى...
يدعو...يأملُ ...أن تتحققَ رؤياه...
حضرَ الوالدُ في هيأةِ وحشٍ ...
يحملُ سكينا أخفاه...
قادَ براءته نحو مكانٍ مهجورٍ...
طعن الحلمَ أمامه ...
وصريعا أرداه..
لم تمنعه أبوتُه ورعبُ صغيره ...
وترديدُ نداه...
أن يغرسَ سكينَ الغدرِ...
في القلبِ بين حناياه...
فصلَ الرأسَ...
وبجوارِ الجسدِ الطاهرِ ألقاه..
*************************
يحتضن حقيبته ...
والمصحف فيها أخفاه...
منحورا مات الابنُ ...
مات شهيدا عبدالله...
رحلَ ليصبحَ طيرا..
عندَ إلهٍ لن ينساه...
نحوَ الجنةِ حلّق حيثُ هناك...
نعيمٌ ...فرحٌ ... وحياه...
تلكَ فصولُ المأساة...
مأساةُ الطالبِ عبدالله..
أدمتْ قصتُه قلبي...
فكتبتُ خواطرَ صادقةً...
تبكيهِ... وتنعاه...
************************