الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وبعد
: إن الله تعالى قد امتن علينا بنعم لا تعد ولا تحصى قال تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) ومن دواعي حفظها ودوامها شكر الله عز وجل عليها، قال جل شأنه ( لئن شكرتم لأزيدنكم) والشكر يعني ذكر النعمة والثناء على صاحبها، وحقيقته تحصل بكل معروف يقابل النعمة سواء باللسان أو اليد أو القلب، وقد امتدح الله تعالى نوحا عليه السلام بقوله( إنه كان عبدا شكورا)
والشكر سببه حصول النعم واندفاع النقم فإذا وقع ذلك شرع في مقابل ذلك شكر العبد لله تعالى كما قال تعالى: (وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِن كُنتُمُ إِيـَّاهُ تَعْبُدُونَ). ولذلك يشرع للعبد سجود الشكر إذا حصلت له نعمه أو تجددت كما ثبت في السنة.
الاعتراف بالنعمة
لا يكون مجرد كلام علي اللسان بل يجب أن يكون لها وزنها في قلبك .. ولابد أن يلهج لسانك بالحمد لله ومهما حمدت الله فلن تستطيع أن تُحصي نعمه وتشكرها، وهذا هو الشكر أن تعجز عن الشكر ..
والشكر أيضًا يكون بأن تتحدث بنعم الله عز وجل عليك، حتى تُحببه إلى قلوب عباده ..
فتعالوا نُعدد بعض نعم الله تعالى علينا ..
1-نعمة الإسلام ..
أعظم نعمة ..فلولا أحكام الشريعة والصلة مع الله من خلال الصلاة، لعاش الإنسان حياة مليئة بالضياع والعذاب ولصار عبدًا لشهواته .. لو استشعرت نعمة الإسلام حقًا، لن تعصي الله عز وجل ولسارعت بتنفيذ ما أمرك به .. ولذلك لا يشعر بها سوى من كان على غير ملة الإسلام ثم أسلم.
2-نعمة الصحة والعافية ..
عن أبي بكر قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ثم بكى فقال"سلوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية"
[رواه الترمذي وصححه الألباني] ..
3-نعمة الابتلاء ..
فقد يكون هذا البلاء سببًا في رجوعك إلى ربك وطاعته،
وقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم لأن الناس لن تفهم الحكمة من الابتلاء وقد يصدهم هذا عن دينهم، على الأقل سيجعل بينك وبين الله فجوة، فتفتر ..لهذا أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نسأل الله العفو لأن الذنب يجلب الابتلاء، وأن نسأله العافية لأننا لن نقدر على تحمُل البلاء .. نسأل الله العفو والعافية.
قال الله تعالى :
{..وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}
[البقرة: 216] ..
ولا يوجد أحدٌ غير مُبتلى، فعندما تبتلي انظر الي الأشد منك بلاءًا ليهون عليك بلاءُك وتحمد الله .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من رأى صاحب بلاء فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء"
[رواه الترمذي]
4-نعمة الرضا ..
عندما يرزقك الله الرضا بما قسمه لك، سيُخفف ذلك همّك وستجد بعد ذلك إن هذا البلاء كان خيرًا لك ..فكم في البلية من نعمة خفية.
5-نعمة التوبة ..
ما أعظم أن يمنّ الله عليك بالتوبة وينجيك من وحل الذنوب والمعاصي، فتتغير حياتك ويُبدلك الله خيرًا عن كل ما تركته لأجله سبحانه .. وكم من رسالة قد أرسلها الله عز وجل ليُوقظك من الغفلة، سواءًا عن طريق آيات القرآن أو الرؤى أو المواقف التي تمر بها في حياتك فتُنبهك؛ موت صديق، تجارب الفشل والكُرب، فتكون هذه النعمة سببًا في معرفتك بالله عز وجل وتجعلك أكثر قربًا من ذي قبل .. فالحمد لله كثيرا.
قال الله تعالى:
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}
[النحل: 18] ..
فمهما حاولنا أن نُعدد نعم الله عز وجل علينا، لن نستطيع أن نُحصيها كثرة .. فابحث عن هذه النعم وعددها واشكر الله عليها.
.
النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسره أو يسر به خر ساجدًا شكرا لله تبارك وتعالى[رواه ابن ماجه وحسنه الألباني] ..
وهذه تكون سجدة حب، فتُعدد نعم الله عليك وأنت ساجد لخالقك سبحانه، فتحمده عليها وتناجيه بها .. فتجعلك تقطع المسافات التي تفصل بينك وبين ربك وتُدخلك رياض محبته جل وعلا.
خذ ما أتيتك وكن من الشاكرين .. كن دائمًا أبدًا شاكرًا لأنعم الله،،
فاللهم لك الحمد كله وإليك يرجع الأمر كله،،