الحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد
فإن حق الوالدين عظيم ،ومنزلتهما عالية في الدين ؛ فبرهما قرين التوحيد ،وشكرهما مقرون بشكر الله - عز وجل - والإحسان إليهما من أجل الأعمال، وأحبها إلى الكبير المتعال. قال الله – عز وجل -: (واعبدوا الله ولاتشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) سورة النساء :36
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال: ( أمك) قال ثم من ؟ قال : (أمك) قال ثم من؟ قال : (أمك) قال ثم من؟ قال : (أبوك) رواه البخاري
وهذا الحديث مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ماللأب من البر، وذلك لما تعانيه من صعوبات وآلام أثناء الحمل ، ثم الولادة ،ثم الرضاع ،فهذه متاعب تتحملها الأم وتنفرد بها عن الأب ثم تشاركه في التربية والاهتمام بالطفل حتى يكبر ، وجاءت الإشارة إلى هذا في قوله تعالى : (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين) سورة لقمان :14
وبر الوالدين مما أقرته الفطر السوية ،واتفقت عليه الشرائع السماوية ،وهو خلق الأنبياء ،ودأب الصالحين ، وهو من شيم النفوس الكريمة، والخلال الحميدة ، ولو لم تأمر به الشريعة لكان مدحة بين الناس لجليل قدره ،كيف لا وهوسبب في تكفير السيئات ،وإجابة الدعوات ،عند رب البريات، وبه تنشرح الصدور ،وتطيب الحياة ،ويبقى الذكر الحسن بعد الممات.
وهو سلف ودين فمن بر بوالديه بر به أبناؤه ،والشواهد على هذا في واقعنا أكثرمن أن تحصى ، فليحذر كل عاقل من التقصير في حق والديه ، ولينشط في برهما، فإنهما عن قريب راحلين، وحينئذ يعض أصابع الندم ولات حين مندم.