ذهبت إلى المدرسة ذات صباح وأنا بكامل حماسي وأوج نشاطي ، فمهنتي جميلة وحبي للعطاء أجمل .
مرت لحظات الصباح بكل ما تحمله من نشاط تلاها طابور وحصص رسمت ابتسامة مشرقة على وجهي ، ولكن ما إن أعلن الجرس انتهاء الحصة الثالثة فوجئت بإدارة المدرسة تطلب مني الحضور لمناقشة ولية أمر طالبة ، حضرت ذلك اليوم لتتقدم بشكوى ضدي لأني قننت اختباراً أسبوعياً للطالبات كل يوم خميس ورفضتُ إعادة الاختبار دون عذر مقنع . واسمحوا لي هنا أن أوضح أن سبب اختياري لهذا اليوم بالذات رغبة في علاج ظاهرة تسرب الطالبات في يوم الخميس والتي باتت منتشرة للأسف في مدارسنا . لم تكن هذه الأم معترضة على تغيب ابنتها في يوم واحد بل أن المصيبة أعظم ، فحضورها لتقديم اتهامها لي بأني سبب لتعقيد ابنتها من المدرسة ، وحجتها أنه من حق الطالبة أن تتغيب يوماً في كل أسبوع ، وابنتها لا تكتفي بإجازة أسبوعية قدرها يومين فقط ، لذلك تضيف يوماً ثالثاً وتتغيب كل خميس!
كانت تتحدث بكل قوة لتثبت صحة نظرتها للموضوع العجيب و كررت باستمرار عبارة – كيف تداوم طالبة خمس أيام كاملة هذا ظلم لها - !!!
لا أعلم يومها كيف انتهى هذا الجدل العجيب وكيف خرجت من غرفة الإدارة ، كل ما أتذكره حجم الإحباط الذي تملكني ، والرحمة التي ارجفت قلبي على طالبة حرمت التعلم بفعل أم لا تسعى للنجاح ، وأصبحت اُداري صرخة كادت تقتلني ( كيف سينهض وطناً هؤلاء صُنّاعه ؟! ، و كيف سننافس العالم بدوام ناقص وكسل ذريع ؟!)
نعم ما يحدث الآن هو ما يرسم خطى المستقبل ، فالأمهات والآباء هم الصانعون للأجيال المقبلة الذي سينمو وطني بهم ، فإن فشل المربي ضاع الجيل وفُقد الوطن .
أنا أعلم أن هذه الأم حالة خاصة ولا يحق لي التعميم ، ولكن كم لدينا من حالات خاصة أمثالها ، تعين أبناها على الكسل بدلاً من الجد والعمل !! لذلك لا بد أن نتكاتف من أجل الوطن ونحمي هؤلاء الأبناء من جهل آبائهم .
وأخيراً ،،، أشكر الله أن منَّ عليّ ذلك اليوم بقائدة واعية للمدرسة لم تسمح لهذه الأم أن تكون سبب لفتور حماسي ورغبتي في تحدي الصِعاب .
معيض الربيعي
حدث معي ذات يوم …
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/224588/