الفتن تنوعت في هذا العصر وكثرت؛ فمنها فتن العقائد، ومنها فتن المفاهيم والأهواء والأفكار، ومنها فتنة المال والدنيا، ومنها فتن الفرقة والخلاف، ومنها تسلط أعداء الإسلام على أمة الإسلام، فالمرء المسلم معرض لفتن الشهوات والشبهات، ومن الفتن التي فتحت على الناس الآن، ما تبثه وسائل الاتصال الحديثة من أنواع الفساد العقدي والأخلاقي والثقافي، ومن الفتن فتنة الرجل في أهله وماله وولده، وهي من الفتن التي تُكفَر بالصلاة والصوم والزكاة.
ومن أعظم الفتن الشرك؛ ولخطورة الفتن فقد كان عليه الصلاة والسلام -وهو أفضل هذه الأمة، وأخشاها لله وأقواها إيماناً- يكثر من سؤال الله الثبات على دينه، كما قالت عائشة - رضي الله عنها: كان رسول الله يكثر من قول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك). ومن يأمن الضياع، ومن يأمن ألا يسقط في الفتن ويخوض في غمارها بعد رسول الله - صلى عليه وسلم، الخروج من الفتن يتطلب أسباباً جادة يجب على المسلم أن يسلكها حتى ينجو بدينه، ومن هذه الأسباب؛ الهروب من الفتن وعدم الولوج فيها بأن لا يتعرض المسلم لها، الثبات على الدين أن يعتصم المسلم بالكتاب والسنة، فإنهما الأصل, وأساس الخير، وحزام الأمان من الضلال بعد الهدى ومن الحور بعد الكور، فمن اعتصم بهما فقد هُدي، ومن استمسك بهما فقد فاز وأفلح، الواجب على المسلمين الإقبال على القرآن الكريم والسنة المطهرة قراءةً وحفظاً وتعلماً وتدبراً وتعليماً والتحاكم إليهما ، ونبذ جميع الأعراف والتقاليد والعادات والأنظمة المخالفة لهما وتقديمهما على كل شيء ، وجعلهما حكماً عند التنازع والاختلاف ، فلا نقدم عليهما رأياً ولا نظاماً ولا سياسةً ولا عقلاً ولا شهوةً ولا مذهباً ، ولا أي شيء.