ضبط النفس عند الاندفاع بعوامل الغضب، بطولة لا يستطيعها إلا قوي الإيمان، عالي الهمة، قوي الإرادة، إذ ليس من السهل إذا غضب الإنسان أن يضبط نفسه، ويكف غضبه، ويكظم غيظه، ويمتنع عن الانتقام ممن أغضبه؛ ولذلك جعل النبي صَلى الله عليه وسلم البطولة ضبط النفس من الاندفاع بعوامل الغضب: "ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"، وكان العرب يطلقون على بطل المصارعة الذي يغلب الناس عند مصارعتهم [صرعة]، وكانوا يعظمون شأنه، فرأينا رسول الله صَلى الله عليه وسلم يحول هذا الإعجاب إلى البطل الحقيقي، أتدرون من هو؟ اقرأوا هذا الحديث بتدبر، فقد قال صَلى الله عليه وسلم: "ما تعدون الصرعة فيكم؟" قالوا: الذي لا تصرعه الرجال. فقال:" لكنه الذي يملك نفسه عند الغضب".
الغضب يورث العبد العداوات والأحقاد، التي تنغص عيشه وتكدر صفوه، ثم إنه يفتح الباب لتحكم الشيطان في الغضبان فيجعله يفعل ويتكلم بما يندم عليه إذا انطفأت نيران غضبه، ومن آفات الغضب أنه يُلجئ صاحبه إلى الاعتذار، قال بعض الحكماء: إياك وعزة الغضب، فإنها تفضي إلى ذل الاعتذار، ثم إن استحكام الغضب باب من أعظم الأبواب التي يلجُ الناسُ منها النار.
ورأينا كيف دلَّ رسول الله صَلى الله عليه وسلم أمته على كلِّ خير وحذَّرها من كلِّ شرٍّ، ومن أعظم الشرور التي حذَّر منها صَلى الله عليه وسلم: الغضب، الغضب منه ما هو مذموم، ومنه ما هو محمود، فالمذموم ما كان في غير الحق، والمحمود ما كان لله وفي جانب الدين والحق.
معيض الربيعي
الغضب جمرة من الشيطان
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/219644/