جمالُ الحياةِ الحقيقيّ أنْ يكونَ لنا هدفٌ وغايةٌ نحثُّ الخُطَى في السَّعي إليها والعملِ من أجلِها، فنبذلُ في سبيلِها الغالي والنفيسَ، ونضحّي بجُلِّ ما نملكُ للوصول إليها. ولا أجملَ من أنْ يكونَ اللهُ غايتَنا، والرّسولُ -صلّى اللهُ عليه وسلَّم - قدوتَنا، والقرآنُ منهجَنا، والموتُ في سبيلِ اللهِ أسمى أمانينا. إنّ الدّعوةَ إلى اللهِ من أجلِّ الأفعالِ، وأعظم ِالأعمالِ التي يؤدّيها المسلمُ في دنياه، ويجني ثمرتَها لأُخراه، وتكون في ميزانِ حسناتِه. ولما كانت الدعوةُ إلى اللهِ وإلى ما أعدَّ لمن استجاب لهذه الدّعوةِ أمرًا عظيمًا؛ تولّاها الله بنفسه,
قال تعالى:)وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ([يونس:25].
إنّ من الواجبِ علينا أنْ نعلمَ ما تَهدفُ إليه دعوتُنا؛ لندعوَ بها أمتنا, حيث إنَّ من أهمِّ أهدافِ دعوةِ الحقِّ: * عمارةُ الأرضِ بالخيرِ وإخراجُ العبادِ من عبادةِ العبادِ إلى عبادةِ ربِّ العبادِ.قال تعالى: )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ([الذاريات :56] * ترغيبُ الناسِ بالِجنانِ و إنذارُهم وتحذيرُهم من النيرانِ؛ فلقد أرسلَ اللهُ بها رُسله مبشّرين ومنذرين.
قالَ تعالى:)رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا( [النساء : 165]
* الدعوةُ إلى محاسنِ الأخلاقِ وكريمِ الخصالِ. ولقد ركّز القرآنُ عليها، وأيّدها الرسولُ الكريمُ في أقوالِه وأفعالِه -صلوات الله وسلامه عليه- حيثُ قال: " إنما بعثتُ لأتمّمَ صالحَ الأخلاقِ" (رواه أحمد). ولقد كانَ-صلواتُ اللهُ وسلامه عليه- كما وصفه أنس -رضي الله عنه–بقوله: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ) أخرجه البخاري .
إنَّ الدّاعيةَ الصّادقَ هو من يملكُ قناعةً راسخةً بضرورةِ الدّعوةِ و وجوبِ الإصلاحِ اقتداءً بالأنبياءِ-عليهم أفضلُ الصلاةِ والسلامِ-, وانطلاقُا من آياتِ الكتابِ الحكيم :)ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ...([النحل:125] ومن قولِه جلَّ في علاه:)وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَروَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ([ آل عمران:104]
أيّها الدّاعية إلى ربّك! خُذْ قلمًا, وتناولْ ورقا, اكتبْ قولًا نافعا, واشكرْ ربّك, أن نوّر عقلَك, ويسّر دربَك, واعملْ فكرَك, وبادرْ وقتَك في دعوةِ غيرك! حقّق أهدافَ دعوتِك في نفسِك وبيتِك ومجتمعِك، ولا تجعلْ لليأسِ إليك طريقًا، ولا للشيطانِ عليك سبيلًا، بتحقيقِ العبوديّة للهِ –جلّ جلاله- بقَدرِ الجهدِ والطاقةِ، ولتستخدِم كُلّ وسيلةٍ وغايةٍ.
1 ping