إن في غض البصر زكاة وطهاره لقلوب المؤمنين وحفظ لفروجهم وقد قدم الله سبحانه الأمر بغض البصر على الأمر بحفظ الفرج كما قال تعالى:( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) لأن مبدأ المعاصي من النظر وهو بريد الزنا والنظره تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فإن لم تقتله جرحته، وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في حشيش يابس فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه
كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والمرء ما دام ذا عين يُقلبها في أعين الغير موقوف على خطر
يسُرُ مقلته ما ضر مهجته لامرحباً بسرور عاد بالضرر
والله سبحانه مطلع على أعمالنا سرها وعلانيتها وهو سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ولغض البصر فوائد عظيمة منها زيادة الإيمان والشعور بحلاوته وفي غض البصر رد لكيد الشيطان وإرضاء للرحمن وانشراح في الصدر، وراحة في القلب، وهدوء النفس وسكينتها، والبعد عن الفساد، وأنه يورث القلب أنساً بالله كما أن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته، ويقوي القلب ويفرحه كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه، ويكسب القلب نورا كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة، و يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل والصادق والكاذب، و يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة ، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة، و يفرغ القلب للتفكر في مصالحه والاشتغال بها كما أنه إذا فسد القلب فسد النظر وإذا فسد النظر فسد القلب وكذلك التعلق بالآخرة والرغبة فيما عند الله فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .
معيض الربيعي
غض البصر
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/218943/