إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين، أما بعد:
إن الدعوة إلى الله هي مهمة الأنبياء المرسلين والعلماء الربانيين والأصفياء المختارين ومن شملهم الله بكرمه وجوده في الأولين والآخرين. وهي الدعوة إلى توحيد الله بالعبادة وحده لا شريك له. والمسلم الجديد هو مولود جديد انعتق من ظلام الكفر والجهل إلى نور الإسلام والعلم، وهو أخ لنا يجب أن نحب له ما نحب لأنفسنا ونكره له ما نكرهه لأنفسنا، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" [البخاري]، وقال صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره" [مسلم].
ومن أهم احتياجات المسلم الجديد وحقوقه التي يجب مراعاتها الآتي:
1. تعليمه ما يلزمه من أحكام الإسلام بطرق ميسرة وعملية.
2. توفير الرفقة المساندة له ومحاضن الرعاية الأخوية كالمراكز والمساجد.
3. تمكينه من مواصلة رحلة الفهم والتطبيق التدريجي للإسلام.
4. تأهيله للتعريف بمعتقده الجديد بما يناسب بيئته وظروفه الخاصة.
وليس من هدْي الإسلام أن يفرض على الداخلين في الإسلام أن يجتهدوا في تحصيل العلوم الشرعية، ويعرفوا تفاصيل الشرع ودقيق مسائله، وليس من هدي الإسلام بلبلةُ المسلم الجديد بالفتاوى التي ظاهرُها التعارض، ولا يجوز للمفتي أن يجعله في حيرة، أو أن لا يبين له بيانًا مزيلاً للإشكال. ولا ينبغي للداعية أن يوجب على المسلم الجديد ما ليس بواجب من الأقوال والأعمال.
وقد ترك لنا قدوة البشرية - صلى الله عليه وسلم - هدياً نستنير به ونتبعه في جميع أمورنا، ومنها هدية صلوات الله وسلامه عليه في التعامل مع المسلم الجديد. فقد كان يراعي حال المسلم الجديد، ويراعي نفسيته، ويراعي ظروفه، ويراعي مستوى وعيه. ومن أبرز سمات هدية – صلى الله عليه وسلم – في التعامل مع المسلم الجديد الآتي:
· أولاً: الاغتسال: فقد كان من هدي الرسول – صلى الله عليه وسلم – في التعامل مع المسلم الجديد أن يأمره بالاغتسال؛ ليحصل بذلك الطهارة من أدران الكفر والمعاصي، وكناية عن الانتقال من طور إلى طور.
· ثانياً: التخلص من أدران الجاهلية: فقد كان من هدي الرسول – صلى الله عليه وسلم – في التعامل مع المسلم الجديد أن يأمره بالتخلص من كل ما يرمز للجاهلية من أدران ورموز.
· ثالثاً: التدرج: فالداخل في الإسلام مولودٌ جديد، وحال المولود أحوج ما يكون إلى الرعاية والعناية، وهذا الدين متين، ولا يوغل فيه إلا برفق، ولا يصح أن يُكلف المرء ما لا يطِيق أو يُشدد عليه في بدء الأمر.
· رابعاً: التيسير: فالتيسير من أعظم خصائص دين الإسلام، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه؛ كما روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة" (البخاري ومسلم).
· خامساً: البشارة بالغفران من الذنوب السابقة: فقد كان من هدي الرسول – صلى الله عليه وسلم – في التعامل مع المسلم الجديد أن يبشره بغفران الذنوب.
· سادساً: البشارة بثبوت أجر الأعمال الصالحة السابقة: فقد كان من هدي خير البشرية – صلى الله عليه وسلم – في التعامل مع المسلمين الجدد تبشيرهم بثبوت أجر الأعمال الصالحة التي عملوها قبل إسلامهم.
· سابعاً: المآلفة بالمال والمعاملة الحسنة: فقد كان – صلى الله عليه وسلم – يتألف من أسلم بالمال والمعاملة الحسنة ليكون ذلك سبباً لثباتهم على الإسلام.
· ثامناً: تقديم يد العون والمساعدة: فقد كان سيد المرسلين – صلى الله عليه وسلم – يهتم بأحوال المسلمين الجدد، ويسعى في مساعدة محتاجهم وعلاج مريضهم وقضاء حوائجهم.
· تاسعاً: مراعاة المصلحة: فقد كان عليه الصلاة والسلام ربما قبل من بعض المسلمين الجدد ترك بعض الواجبات لمصلحة يراها، ومراعاة منه للتدرج في الدعوة. ولم يكن يشترط على بعض من يريد الإسلام أن يلتزم بالصلاة والزكاة والجهاد وغيرها.
· عاشراً: أمرهم بالوفاء بما التزموا به من طاعات قبل إسلامهم: فقد كان صلى الله عليه وسلم يقرهم على ما التزموا به من طاعات وأعمال بر وخير قبل إسلامهم إذا كانت موافقة لشرع الله.