قد يتبادر إلى الأذهان مالرابط بين طرق التدريس والخبرة ؟ وماذا نعني بالخبرة ؟ وإن كان هناك ربط فهل سيكون هناك انعكاس أم لا ؟ وكيف نستطيع قياس ذلك والحكم عليه ؟ وأي المصادر والأدبيات نستطيع الاستقاء منها ؟ وكيف نستطيع الرد على جميع هذه التساؤلات التي تتبادر إلى الأذهان بمجرد قراءة عنوان المقال ؟
تساؤلات كثيرة قد تختلف وقد تتشابه ولكن الأهم من ذلك كيف نستطيع ترتيب شتات أفكارنا حتى نستطيع الوصول للرد الشافي المقنع ، وسنحاول بداية توضيح بعض المفاهيم ونربط بينها من خلال ماورد في الأدبيات ، وبين الخبرة الشخصية في تدريس مجالات اللغة العربية على مدى خمس سنوات في التعليم الابتدائي ، وسنتان في التعليم الجامعي العالي.
تُشير الأدبيات التربوية إلى أن المقصود من طرق التدريس هو : "مجموعة من الإجراءات والأنشطة التي يقوم بها المعلم،وينظم خلالها الخبرات في الموقف التعليمي بطريقة ما بما يساعد على تعلم الطلاب،وتحقيق الأهداف التدريسية المحددة مسبقا". (بدوي، 1432ه،ص48).
وتذكر الرباط (2015م) أن الخبرة عبارة عن : حصيلة معرفية أنتجها النشاط المتبادل بين المتعلم وبيئة التعلم ،أو هي القدرة على إدراك الارتباط بين المعلومات المكتسبة بما يستجد من مواقف مشابهة ، وأن الخبرة المربية لها شروط من أبرزها أن تكون الخبرة نافعة لكل من الفرد والمجتمع ، وأن تكون مترابطة ومنظمة ، ومتنوعة وفي اتجاهات ونواحي متعددة ،وتحقق مبدأ الاستمرارية في الخبرات ، وتكون موجهة لتحقيق أكثر من هدف تربوي ، فقد يكون إلقاء كلمة في الإذاعة المدرسية يحقق أهداف تربوية مثل : حسن الإلقاء ، وعدم الرهبة من الآخرين ، القدرة على التواصل والحوار . ص 153.
بينما يشير الخليفة نقلا عن اللقاني 1996م إلى أن الخبرة عبارة عن : موقف تربوي يتضمن معارف ومهارات واتجاهات وقيما معينة، وتتم فيها عمليتا التعليم والتربية معا . ( الخليفة ، 2010م، ص24) ونرى أنه لايمكن ملاحظة الانعكاس على الخبرات دون الإشارة إلى دور المعلم الناقل والموجه والمرشد للعملية التعليمية التدريسية ، فمن المتعارف عليه أن طرق التدريس هي أحد أركان المنهج الأساسية ، ولا يمكن تحقيق الأهداف بدون المعلم وطرق التدريس وتطرح كوجك (د.ت) خلاصة مرئيات حول طرق وأساليب التدريس مؤكدة على أدوار المعلم أثناء التدريس والتي يتضح منها أدواره في غرس القيم والاتجاهات إضافة إلى المهارات وغزارة المعارف ومن أبرز ماذكرته :
- حسن تنظيم الوقت واستثماره فيما يفيد المتعلم في الدنيا والآخرة لصالح العملية التربوية تحسباً لقوله تعالى " وقفوهم إنهم مسؤولون" . الصافات : آية (24)
- إتقان العمل واحتساب الأجر في ذلك " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ".
- مراعاة المتعلمين وحاجاتهم التربوية " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" .
- ربط قلوب المتعلمين بالله سبحانه وتعالى ووصلها بكتابه العزيز تلاوة وتدبراً ،وترسيخ القيم والمبادئ في نفوسهم.
- اعتبار المقررات الدراسية وسائل لتحقيق النمو وليست غاية.
- أن يكون غاية المعلم هو إكساب المتعلمين المفاهيم والقيم والمبادئ والسلوكيات الإيجابية من خلال المنهج المقرر.
- التنويع في استخدام طرق التدريس مراعاة لحاجات الطلاب وميولهم والفروق الفردية ، على أن يكون الهدف الأساسي هو التدريب على التفكير السليم ولا يقتصر على التلقين والحفظ ونقل المعلومات.
- توظيف استراتيجيات التعليم ؛ والتجديد والتنويع والإبداع في تطبيق المنهج .
- أن يتمثل دور المعلم في التوجيه لمسارات التفكير لدي الطلاب.
- أن يكون المعلم قدوة حسنة لطلابه في خلقه والتزاماته وتصرفاته.
- التركيز على المتعلم وجعله مشاركًا إيجابيًا في الموقف التعليمي .
- الاهتمام بالمتعلم من جميع النواحي العقلية والجسمية والنفسية على حد السواء.
- الاستعانة بالوسائل التعليمية مع حسن توظيفها لتحقيق الأهداف السلوكية بمستوياتها.
- اتباع أسلوب الإثارة والتشويق ويساعد على ذلك اختيار الأنشطة المناسبة.
- الاهتمام بالأنشطة اللاصفية وإشراك جميع الطلبة فيها تطبيقًا لمحتوى المنهج لتنمية شخصياتهم .
- إكساب الطلاب المفاهيم بصورة رئيسية إلي جانب المهارات.
- مراعاة عدم فصل المفاهيم النظرية في علوم المعرفة عن النواحي التطبيقية الفعلية لسلوك المتعلم، مع الاهتمام بمتابعتها وتوجيهها.
- تعويد المتعلم على استخدام الأسلوب العلمي في حل المشكلات وإعطاء الحلول والبدائل .
- إتاحة فرصة التعلم الذاتي للمتعلم من خلال الأنشطة والمهارات .
- تهيئة المواقف التي تساعد عل التدريب على حل المشكلات واتخاذ القرارات.
- توفير الأنشطة المنفذة بالعمل الثنائي والجماعي وخلق روح التنافس والتعاون الإيجابي.
- التدريب على تقييم الذات من خلال توفير التغذية الراجعة على المستوى الفردي والجماعي .
- تمثيل الحياة المعيشية للواقع الفعلي في المواقف التعليمية والتفاعل معها.
- اكتشاف المواهب وصقلها وتنميتها ورعايتها.
- إعطاء حصص الإنشاء أهمية أكبر لتنمية ملكة التفكير والتدريب على الدقة في التعبير.
- الاهتمام بالحوار والإلقاء السليم، وعلى كل معلم أن يعد نفسه معلمًا للغة العربية.
- تنمية التفكير الناقد وطرق الاستدلال.
- التوظيف الفعال لمعامل العلوم والمعامل اللغوية في ممارسة النواحي التطبيقية للمادة ، وعدم إغفالها.
- ألا يتعدى التقويم قياس حفظ المعلومات إلى الملاحظة والاستفتاء وتقويم سلوكيات المتعلم التطبيقية الفعلية نتيجة للمعارف المكتسبة.
- انتهاز الفرص للتوجيه التربوي والديني لسلوكيات المتعلمين في الحياة اليومية داخل وخارج الفصل وخارج أسوار المدرسة.
- إشراك أولياء الأمور بصورة مباشرة لمتابعة أبنائهم، وتوعيتهم من خلال وسائل الإعلام ، إصدار كتيبات ، نشرات ارشادية وتوعية ونحوه.
إذن المعلم هو حجر الأساس في بيان هذا الإنعكاس الذي قد يكون سلبا أو إيجابا ، ولنكن متفائلين ونحسن الظن في زملاء المهنة ونقول أن هذا الإنعكاس يبرز بصورة جلية وواضحة في سلوكيات الطالبات داخل المدرسة وخارجها وعمليا سنقسم عناصر الخبرة ونضرب مثالا عليها في الانعكاس على النحو التعالي :
- المعارف : بدون وجود المعلم لن يكتسب المتعلم في مرحلتي التعليم الابتدائي والمتوسط المعارف بصورة صحيحة محققة للأهداف المرجوة والاختبارات خير وسيلة لبيان ذلك ، بينما في التعليم الثانوي والعالي بحكم خبرات المتعلم لمختلف المهارات فبإمكانه ممارسة التعلم الذاتي واكتساب المعارف من خلال الاستفادة من التقنيات الرقمية .
- المهارات : للمهارات أنواع متعددة حركية – إلقائية – فنية – كتابية وكلها يكتسبها المتعلم بأسلوب المحاكاة من خلال محاولة تقليد سلوكيات المعلم .
- القيم : المعلم القدوة سيزرع في نفوس طلابه من خلال سلوكياته، ومن خلال المنهج الخفي المتمثل في ربط موضوعات المقرر بما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وسير الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وأيضا بعادات وقيم المجتمع الإسلامي.
- الاتجاهات : أيا كانت قناعات المعلم ، فإن أسلوب التدريس الذي يتخذه في الشرح وفي إيصال المعارف سيعزز بعض الاتجاهات لدى المتعلمين من خلال ضرب المثل ، والربط،... الخ ،والتي تؤثر في قناعات المتعلمين، ولهذا ظهرت للأسف في مجتمعاتنا بعض التوجهات المخالفة للشرع وللقيم وقضية داعش والإرهاب خير مثال على ذلك .
وتأكيدا على ماسبق يولي المعلم الناجح تنمية مهارات التلاميذ والطلاب الذين يدرسهم عناية خاصة، وذلك عن طريق تدريبهم على العديد من المهارات الأساسية التالية: الملاحظة – التصنيف-القياس – الاتصال-المقارنة-التنظيم- التوقع والتنبؤ والتخيل-الاستدلال والاستنتاج-التفسير- النقد-توظيف المعلومات والاستفادة من بيئة المتعلم. (الكثيري والنصار،2005م،ص ص158-162).
وخلاصة القول : جميع ماذكر سابقا لم يوصلنا إلى خلاصة تقريرية كي نجيب على مدى هذا الإنعكاس إن كان قويا أو ضعيفا إلا أن القارئ الواعي سيستنبط مدى الترابط القوي بين طرق التدريس وانعكاسها الجلي على الخبرات من خلال أساليب المعلم التدريسية ، وربما زيارة صفية واحدة تغني عن الاطلاع على آلاف ماورد في الأدبيات التربوية .
المراجع
- بدوي ،رمضان مسعد . (1432ه). المنهج وطرق التدريس . دار الفكر : عمّان
- الخليفة ، حسن جعفر . (2010م). المنهج المدرسي المُعاصر . ط10. مكتبة الرشد: الرياض
- الرباط ، بهيرة شفيق. (2015م). المناهج الدراسية رؤية استشرافية . دار الزهراء : الرياض
- الكثيري،راشد حمد؛النصّار،صالح عبدالعزيز.(2005م). المدخل للتدريس . المؤلفَين.
- كوجك ، كوثر . (د.ت) . مناهج التعليم في ظل العولمة
- http://www.minshawi.com/other/Kawther1.htm