من المنهج بمفهومه التقليدي إلى المنهج بمفهومه الحديث ، ومن الكتاب المدرسي إلى المحتوى والمعلم والأنشطة والتقنيات التعليمية وطرائق التدريس والأساليب التقويمية .

    هكذا هو الحال في عصر اتسم بالتطور والتجديد ، والانفتاح على العالم الآخر الذي طال جميع الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بم افيها التعليمية الذي نحن بصدده في مقالنا هذا ، وبطبيعة الحال فالتطور والتقدم شمل كل العناصر في العملية التعليمية وسنخصص الحديث عن طرائق التدريس التي كانت في السابق مقتصرة على المحاضرة والنقاش ويسودها أسلوب التلقين البحت.

  إن اختيار طرائق التدريس في العملية التعليمية يخضع للعديد من الضوابط وهذه الضوابط تتمثل في : مراعاة خصائص المتعلمين – احتياجاتهم – خلفياتهم المعرفية والمهارية -الموضوع الدراسي- قدرات المعلم – عدد الطلاب – الإمكانات المادية في المدرسة  والتي تتضح من خلال صياغة واضحة ومحددة للأهداف التدريسية المؤدية للمخرجات التعليمية المقصودة .  

والسؤال الذي يتوارد لدينا الآن وشغل تفكير الكثير مع كثرة وروده في الأدبيات التربوية هل هناك طرائق تدريس عامة  وطرائق تدريس خاصة ؟

  المكتبات الجامعية ، والتجارية ، والالكترونية تزخر بكم كبير من الكتب المعنونة باستراتيجيات وطرق التدريس العامة – استراتيجيات وطرق تدريس العلوم الدينية – الاجتماعية – العربية – الرياضيات – العلوم...... الخ فهل فعلا هذا التقسيم على أسس واضحة وجلية ومتعارف عليها لدى الجميع أم هي مسألة نقل تأثرت بالترجمة والخلفيات الخاصة بالمفكرين والأدباء ؟

   يؤكد الأدب التربوي على أن التعليم ليس مجرد نقل للمعرفة ، بل هو عملية تعنى بنمو الطالب عقليا ومهاريا ووجدانيا فالهدف الأساسي لعملية التدريس يتمثل في تعليم الطلاب كيف يفكرون ولتحقيق ذلك يُجمع التربويون على أن المعلم هو العامل الرئيس في العملية التعليمية، فأفضل المناهج وأحسن الأنشطة والطرائق وأشكال التقويم لاتحقق أهدافها دون وجود المعلم الفعال المعد إعدادا جيدا والذي يستطيع معالجة الكثير من أوجه القصور والثغرات التي قد تكون موجودة في المنهج وغيره من عناصر التدريس ، إلا أن ذلك يتفاوت من معلم للآخر وهذا التفاوت بينهم يتضح في اسلوب التدريس المستخدم أثناء تنفيذ  الطرق والاستراتيجيات التدريسية وهناك من يصنف هذه الطرق على أساس : دور المعلم والمتعلم ( إلقائية – تفاعلية- فردية) ، وطرق تدريس على أساس عدد الطلبة ( جمعية- مجموعات صغيرة- فردية) وهناك إجماع على أنه لاتوجد طريقة مثلى للتدريس والمعلم يقوم باختيار وتنويع طرائقة وفقا للضوابط المذكورة سلفا، والبعض يصنف طرائق التدريس إلى طرائق التدريس القديمة (محاضرة – المناقشة- الاستقرائية - القياسية ) وطرائق التدريس الحديثة ( المشروعات – الوحدات – حل المشكلات – الاكتشاف – التعلم باللعب – تمثيل الأدوار – العصف الذهني – التعليم المتمايز – التعليم المبرمج – التعليم الالكتروني – الحقائب التعليمية .. الخ ، وأيضا يصنف البعض الطرق العامة إلى :  طرائق تستخدم أسلوب التفاعل اللفظي ( محاضرة ومناقشة – هربارت- الاستقراء- الحوار –القصة)، وطرائق تقوم على التفاعلية ( التعلم ذو المعنى – خرائط المفاهيم – المنظمات المتقدمة – حل المشلات – التعلم التعاوني- المحاكاة – تمثيل الأدوار – الألعاب التعليمية ) ، وطرائق تقوم على التنقيب والكشف نحو( التعلم للإتقان – التأملي- التعاقد – التعلم عن بعد – الوحدات التعليمية المصغرة- التعليم الفردي الإرشادي – الاكتشاف ) هكذا هو التصنيف في الأدبيات المعنونة بطرائق واستراتيجيات التدريس العامة فهل الكتب المتخصصة باستراتيجيات وطرائق التدريس الخاصة كل حسب مجاله ستحوي طرائق تدريس مختلفة عمّا ورد في كتب طرائق التدريس العامة .

  بحكم تخصصنا في مجال اللغة العربية فسوف نستقرئ ماورد في الأدبيات حول طرائق تدريس اللغة العربية لنرى إن كانت ستتفق أم تختلف عن طرائق التدريس العامة .

 هناك شبه اتفاق في الأدبيات التربوية حول تقسيم طرائق تدريس اللغة العربية حسب فروعها ،( فهناط طرائق تدريس القراءة – النحو – الأناشيد – التعبير – الخط – العروض )وعند التعرف على تلك الطرائق نجد أن الأدباء والمفكرين يتناولون إجراءات تدريس حسب نوع المادة فالقراءة تنقسم إلى قسمين صامتة وجهرية وكل نوع له إجراءات وخطوات ، وكذلك الإملاء منظور- سماعي- منقول- اختباري .... الخ ، أما النحو فيتم تناوله إما بالطريقة الاستقرائية من الجزء إلى الكل أي من الأمثلة إلى القلعدة أو بالطريقة القياسية الاستنباطية التي تعتمد على الانتقال من الكل إلى الجزء أي من القاعدة إلى الأمثلة ، أو بالطريقة المعدلة الشبيهة بالاستقرائية إلا أنها تعتمد على النص الأدبي بدل الأمثلة ، ويورد أبو الهيجاء أن من الطرائق المناسبة لتدريس النحو طريقة النشاط وحل المشكلات ، ومن الملاحظ أن النشاط وحل المشكلات طرائق تدريس عامة وليست خاصة بتدريس النحو العربي ، وحسب خلفيتنا فإن هناك من يستخدم الألعاب التعليمية في تدريس اللغة العربية ، وهي تجربة فريدة تم تطبيقها في المتوسطة الخامسة عشر بإشراف الأستاذة منال القرعاوي ، والتي حولت هذه الاستراتيجية بعد التأكد من فاعليتها إلى كتاب منشور في المكتبات التجارية كي يطلع ويستفيد منه المختصون في تدريس اللغة العربية ..

  وخلاصة القول فإن وجهة النظر التي نتبناها حول طرائق التدريس بحسب الخبرة في التدريس ، والبحث في الأدبيات التربوية أثناء الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراة فإن هذا التقسيم ليس له أساس ، فليس هناط طرائق تدريس عامة وطرائق تدريس خاصة ، وإنما هي مجموعة من طرائق التدريس  تستخدم حسب الملاءمة للفروع المعرفية ، والاختلاف يكمن في الخطوات الإجرائية أثناء التطبيق حسب نوع المادة التعليمية وأقسامها ، وضربنا مثال في مجال التخصص في اللغة العربية .

-----------------------------------------------------------

(1)  سلامة والخربسات وصوافطة وقطيط ، 2009م ، ص ص 141-142

(2)   زاير وصبري وحسن ، 2014م، ص79

(3) عطية ،2009 ، ص ص 12-13

(4) عوض والبسطامي،2008 ، ص11

5- أبو الهيجاء ، 2007، ص ص 9-12  ، عوض والبسطامي ، 2008 ، ص6 ، عاشور والحوامدة ، 2007، ص ص 7-12