يرتبط تطور الدول وتقدمها؛ بمدى اهتمامها بالتعليم بجميع جوانبه، والتي من أهمها المنهج المدرسي، وتشكل طرائق التدريس إحدى عناصر المنظومة التي يتكون منها المنهج ، والتي تتكامل مع العناصر الأخرى (الأهداف التعليمية ، المحتوى التعليمي والخبرات التربوية ، و التقويم)، وترتبط بها ارتباطاً وثيقاً، فهي تمثل الكيفية التي ينفذ من خلالها التدريس، وكلما كانت الطريقة مناسبة لطبيعة الدرس، وملائمة لطبيعة المتعلمين فإن ذلك يضمن – بعد توفيق الله- تحقق الأهداف وبنسبة عالية من التميز والإتقان، وطرائق التدريس عبارة عن مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها كل من المعلم والمتعلم من أجل تحقيق الأهداف إلى درجة الإتقان . (الحيلة، 2002).
وفي ظل المتغيرات المتسارعة، وما تحقق من تقدم علمي وتطور تقني في شتى المجالات فإن الحاجة تبرز وبشكل كبير لمواكبة هذه المتغيرات، وذلك بالاستفادة من التقنيات الحديثة وتوظيفها في التعليم بشكل عام وطرائق التدريس بشكل خاص، لما في ذلك من اختصار للوقت والجهد ومراعاة للفروق الفردية بين المتعلمين.
وأثبتت نتائج العديد من الدراسات دور طرائق التدريس الحديثة في تنمية اتجاهات المتعلمين نحو المادة، واكتسابهم المفاهيم العلمية، وتنمية مهارات التفكير لديهم، وتوجد طرائق متعددة يمكن أن يستخدمها المعلم في التدريس، ولكل طريقة موقف تعليمي يناسب استخدامها بحيث تساعد على تحقيق الأهداف المرجوة بأعلى درجة من الإتقان، وعلى المعلم ألا يقتصر في تدريسه على طريقة واحدة، بل عليه أن ينوع في الطرائق والأساليب لتناسب أهداف الدرس وطبيعته، وأنماط التعلم المختلفة لدى الطلاب، والإمكانيات المتوافرة في المدرسة.
وهناك مجموعة من المعايير التي حددت في الأدبيات التربوية لاختيار الطريقة أو الأسلوب التدريسي ومن أبرزها: المرحلة التعليمية، ومستوى الطلبة ونوعيتهم، والأهداف التدريسية، وطبيعة المادة أو المحتوى، وفلسفة المعلم للعملية التعليمية-التعلمية، وتوفر الإمكانات في المدرسة والزمن المتاح.
ولأهمية طرائق التدريس ودورها المهم في العملية التعليمية؛ فقد اعتمدت الكثير من المؤسسات والجمعيات المتخصصة في إعداد المعلم مجموعة من المعايير التي ترى ضرورة توافرها لدى المعلم وبالتالي فإنه لابد من مراعاتها في برامج الإعداد، وتمثل هذه المعايير الأداء الذي من المتوقع أن يقوم به المعلم داخل الفصل وخارجه؛ بما يضمن تحقيق الأهداف المرجوة من العملية التعليمية، ومن أبرز النماذج في معايير إعداد المعلم معايير المؤسسة الأمريكية لإعداد المعلم وجودة التدريس (INTASC) وتضم عشرة معايير يجب أن تتوافر لدى المعلم، منها ثلاثة معايير تتعلق بفاعلية طرائق التدريس وهي: أن يكون المعلم على وعي باختلاف طرائق تعلم طلابه ويوفر لهم مناخاً يناسب ذلك الاختلاف، وأن يستخدم المعلم طرائقاً تدريسية تنمي التفكير الناقد وحل المشكلات ومهارات الأداء لدى الطلاب، وأن ينمي الاستقصاء النشط والعمل الجماعي والتفاعل داخل غرفة الصف.
وأجريت الكثير من الدراسات في مجال طرائق التدريس، في مدارس التعليم العام في المملكة العربية السعودية، للكشف عن أكثر طرائق التدريس استخداماً من قبل المعلمين، والصعوبات التي تحول دون استخدامهم الطرائق التدريسية الحديثة ، والحلول المناسبة للتغلب على تلك الصعوبات، حيث أشارت نتائج العديد من الدراسات إلى ضعف إدراك المعلمين لطرائق التدريس الحديثة ومزاياها ودورها في العملية التعليمية والتربوية، وضعف إدراكهم لأهمية التنويع في استخدام طرائق التدريس لتناسب طبيعة الموضوع وخصائص المتعلمين؛ مما أدى إلى ضعف اهتمام المعلمين بالطرائق التي تتمحور حول المتعلم مثل (حل المشكلات، الاستقصاء، الاستكشاف)، وعلى الرغم من أن طريقة الإلقاء تعد من أقل طرائق التدريس فعالية، إلا أنها أكثرها شيوعاً في الاستخدام من المعلمين.(العمرو،1423هـ) ، (الزهراني، 1429هـ).
ومن أبرز المعوقات التي تحول دون استخدام المعلمين لطرائق التدريس الحديثة والفعالة، كما بينتها نتائج العديد من الدراسات في هذا المجال ضعف إلمامهم بها ، وعدم توافر الإمكانيات من أجهزة وأدوات، وضيق الوقت المخصص، وكثرة أعداد الطلاب.(إبراهيم، 2014)
وأخيراً فإن تشخيص الواقع وبشكل دقيق يمثل خطوة مهمة لعلاج الضعف والقصور، لذا فإنه من الضروري تقويم مقررات طرائق التدريس في المؤسسات المعنية بإعداد المعلمين وتطويرها وفق الاتجاهات الحديثة, بما يضمن تمكن المعلمين من مهارات استخدام الطرائق التدريسية الأكثر تشويقاً وفعالية، وفي نفس الوقت ينبغي تكثيف الدورات التدريبية للمعلمين أثناء الخدمة وتزويدهم بنشرات وإرشادات في أهمية وكيفية اختيار طرائق التدريس المناسبة؛ لزيادة دافعيتهم نحو استخدامها، وأن تعمل الجهات المسئولة في وزارة التعليم على الحد من المعوقات التي تحول دون استخدام المعلمين لطرائق التدريس الحديثة من خلال توفير الأجهزة والأدوات والإمكانيات، وبذلك نساهم في النهوض بتعليمنا إلى مصاف الدول المتقدمة تعليمياً، من خلال بناء أجيال يمتلكون المهارات العقلية والاجتماعية والعملية، وهذا سينعكس حتماً على جميع القطاعات الأخرى التي ستتأثر إيجابياً بتطور التعليم الذي يشكل العاملون فيها مخرجاته، وبهذا نضع بلادنا في المكانة المرموقة التي يجب أن تتبوأها إقليمياً وعالمياً.
المراجع:
-إبراهيم، أسماء أحمد (2014). طرائق التدريس: بين الواقع و صعوبة التطبيق. مجلة كلية التربية الأساسية - كلية التربية الأساسية - الجامعة المستنصرية - العراق، ع82 ، 573 - 584.
-أمبوسعيدي، عبدالله و البلوشي، سليمان (2015). طرائق تدريس العلوم- مفاهيم وتطبيقات عملية، عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع
-الحراحشة، كوثر، و العديلي، عبدالسلام. (2013). أثر استراتيجية العصف الذهني في اكتساب المفاهيم العلمية لدى طالبات الصف الثامن الأساسي واتجاهاتهن نحو العلوم في الأردن. مؤتة للبحوث والدراسات - العلوم الانسانية والاجتماعية -الاردن، مج 28, ع 7 ، 11 – 38
-الحيلة ، محمد محمود .(2002).طرائق التدريس واستراتيجياته, العين: دار الكتاب الجامعي.
-الزهراني، عبدالرحمن محمد ، و خليل، سالم (2008). أسباب عزوف معلمي التربية الفنية بمدينة الطائف التعليمية عن استخدام استراتيجيات التدريس الحديث في تدريس المادة ووضع سبل للعلاج (رسالة ماجستير). جامعة أم القرى، مكة المكرمة.
-زيتون، عايش (1994). أساليب تدريس العلوم، عمان، دار الشروق للنشر والتوزيع.
-العمرو، عبدالعزيز رشيد (1423هـ).فاعلية استخدام استراتيجية التعلم التعاوني في تدريس التربية الفنية على تنمية مهارات الإنتاج الفني لدى طلاب المرحلة المتوسطة، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، جامعة أم القرى.