إن أول شيء دعا إليه الرسل جميعاً هو تصحيح العقيدة التي هي أساس كل شيء ، وتصحيح العقيدة بنطق كلمة التوحيد وفهمها والعمل بمقتضاها هو أول ما يدخل به المرء في الإسلام ، وآخر ما يخرج به من الدنيا، فهو أول واجب وآخر واجب. ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه - عندما بعثه إلى اليمن : ((إنك تأتى قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه : عبادة الله وحده، وفي رواية: فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله - عز وجل- افترض عليهم ....)) رواه البخاري ومسلم .
وإصلاح العقيدة هو: نهج الطريق الذي سلكه الأنبياء صلى الله عليهم وسلم, وعلى رأسهم نبينا محمد، في دعواتهم لأممهم التي أرسلهم الله إليها، فهذا هو الطريق الأمثل الموصل إلى الغاية المرجوة ومحورها الأصيل ، العبودية المطلقة لله وحده، وتحقيق الألوهية له - جل جلاله - ودعوة الناس إليها، وتربيتهم عليها قبل أي شيء آخر، وهذه هي دعوة الرسل جميعاً : معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وتحقيق الحاكمية في التشريع له، والولاء والبراء على ذلك. وينبني على هذه المعرفة مطالب الرسالة كلها.
إذن أساس الإصلاح الإسلامي الحقيقي يبدأ بإصلاح العقيدة ، حيث أن العقيدة الإسلامية الصحيحة هي التي ترتقي بالإنسان إلى المكان اللائق به، وهي التي تنقذه من رق العبودية لغير الله ، وتحرره من استعباد الإنسان ، ومن استعباد الخرافة والأهواء ، وهي التي تنقذه من المحتالين الدجالين أحبار السوء الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، وإذا لم يتعبد الإنسان لله فسوف يقع في الوثنية -لا محالة- بشتى صورها وأشكالها.