بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، هذه الليالي العشر هي عشر ذي الحجة على المشهور عند أهل العلم، والله تعالى اقسم بها ولا يقسم في كتابه إلا بعظيم ,و هذه المواسم المباركة التي فضلها الله سبحانه وتعالى ،لشرفها وفضلها ,وأودع فيها من الخيرات الشيء الكثير لعباده.
و من فضل الله ومنته أن جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيها من العمل الصالح، إذا اغتنمها في عبادة الله ، فقد اختارها الله على ما سواها , ورفع شأنها واجتباها وجعل ثواب العمل فيها غير ثوابه فيما دونها. وفيها يوم الحج الأكبر الذي هو خير أيام الدنيا على الإطلاق وهو أعظم الأيام حرمة عند الله تعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام ـ يعني أيام العشرـ» و مما يستحب من العبادات فيها و أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرم, ويستحب الإكثار من الصيام في هذه الأيام المباركة ,ويتأكد صوم يوم عرفة، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال عن صوم يوم عرفة: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده».
وكذلك التكبير والتهليل والتحميد: ومن الأعمال التي تؤدى في هذه الأيام العشر التكبير، وقد كان الصحابة يرفعون أصواتهم بالتكبير في هذه الأيام العشر، وكذلك يشرع في هذه العشر الإكثار من الطاعات من صدقات على المحتاجين ، وصدقات في سبيل الله ، وكذلك من صلوات النوافل ولاسيما صلاة الليل ، وكذلك لا يفتر المسلم عن ذكر الله فيها بتلاوة القران ، فيشغل هذا الوقت بالطاعات القولية، والطاعات الفعلية ، يغتنمها ويكتسب ما فيها من خير ، يكون فيها صائماً في النهار، وقائماً في الليل ، وتالياً للقران ، مكبراً ومهللاً ومسبحاً ، وحري بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة التي قد أضيعت في هذه الأزمان ، فيشغل لسانه بذكر الله ، ويشغل بدنه بالصيام والقيام ، وهذه الأيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من سائر الأيام. قال ابن حجر في الفتح : "والذي يظهر أنّ السبب في امتياز عشر ذي الحجة، لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة ,والصيام ,والصدقة ,والحج"، فالواجب على المسلم أن يتنبه لأوقات الفضائل، وينبه غيره ولنحفظ وقتنا ,ولنغتنم أوقات الفضائل قبل فواتها، فان ذلك هو رأس المال الذي تخرج به من هذه الدنيا .