أدب أم قلة أدب
يكثر الحديث هذه الأيام عن البيئة المحافظة ,و يحاول البعض تحويل النظر اليها على انها بيئة خصبة للكبت و القهر و المعاناة ,محاولا تخفيف وطأة الحديث بذكر العادة مكان الدين ,و ذلك لتظهر التهم موجهة الى العادات و التقاليد المورثة ,كي لا يفهم انها حرب على الشريعة و في الحقيقة لقد احببت أن اكون حسنة النية فيما يتداول, و لكنني في مرات عديدة كنت أدرك ان المواضيع المتناولة بجلها و معظمها تتناول حقيقة (الدين و المتدينين).
و حقيقة ان ما يجري اليوم مقلق للغاية ,وإليكم الأمر ,تكرم كل رواية تكون فيها البطلة فتاة شابة تنشأ في بيئة محافظة (حيث الكبت )و تبدأ معاناتها و صراعها مع الحلال و الحرام حيث يحرم الاختلاط ,و تجد هذه الفتاة نفسها ممنوعة من ارتداء ما يحلو لها من اللباس الفاضح أو القصير !!!و لا ننسى هنا الأم المقهورة التي ورثت القهر و عانت منه لكنها في (اللاوعي) تنقل تجربتها هذه الى ابنتها عندما تحاول ان تجعلها تعيش بطريقتها و طريقة آبائها ,و في الغالب هي امرأة متسلطة تطبق الدين بلا روح لم تكمل دراستها ,و الغريب في الامر ان الاب غالبا عربيد لا علاقة له بالدين من قريب او بعيد لكنه يفعل مثل زوجته فهو يمارس القهر على ابنته بلا رحمة , بحيث تشعر و انت تقرأ هذه الرواية ان الكاتبة تعاني من الهذيان أو انها ضائعة تماما,او انها (عانت الكبت و عاشت في بيئة مقهورة ,اذا ما اعتمدنا على تحليل النقاد عندما يخبرونا بان بطل القصة هو الكاتب نفسه على الدوام ).
المهم في الامر اننا نعيش اليوم حياة صاخبة تتعالى فيها الاصوات و نادرا ما تدعو هذه الاصوات الناس الى سلوك دروب الخير و الابتعاد عن الرذيلة ,و كأن هؤلاء لن يرتاحو و يتخلصو من كبتهم الا عندما يركع مجتمعنا العريق للغرب معظما و ممجدا و مقلدا على غير هدى و بلا اي سبب مقنع,و في الواقع لقد قلبت النظر في الغرب و في حياة المراة في تلك المجتمعات فسجدت لله شكرا و حمدا على اننا لم نخلق في تلك البيئة ,و الغريب ان امريكا نفسها تغص بقصص العنف و الرذيلة ,هي و دول الغرب المتوحش.
اما عندما نتحدث عن دول الخليج بشكل خاص ,فنحن نريد ان ناكد ان قصصا عن ضرب النساء قد تحدث و لكن هذه القصص لا تمثل هذه المجتمعات,والضرب محظور تماما في نظرنا,فنحن ضد العنف الاسري و ضد الظلم ,و لكن هذه الروايات تدخل من هذا المدخل لتستمر و تصل الى حرب الدين ,فالبطلة غير محجبة ,و البطلة محترمة جدا و متدينة جدا و لكن لا مانع لديها من مصافحة الرجال و الاختلاط ,و البطلة مثقفة و متعلمة و تحب التحرر و تكره ان يقال لها قال الله و قال الرسول ,فاعذرني الآن عندما اسالك, انت عندما ترفض الحجاب و ترفض قول الله و رسوله و تحل الاختلاط و مصافحة الرجال ,انت بهذه الحال تحارب عادة و تقليدا ام تحارب دينا و ملة ,عليك ان تميز في حال لم تكن تميز ,اما اذا كنت تميز فاتق الله .
نحن بحاجة لان نحارب البطالة و الفقر و الامية ,و بحاجة الى نشر ثقافتنا العريقة و اعادة احياء الدين في قلوبنا و جوارحنا عندها نتخلص من الظلم , فلا يظلم الاب اولاده و تحترم البنت اهلها و تقدرهم و يعطف الكبير على الصغير ,و يتق الحاكم الله في المحكومين , فالحل دائما يكمن في الدين ,و ليس كما يروجون (في هدم الدين ).
و الحقيقة ان المشكلة تكمن في النية ,و في الغالب هؤلاء لديهم غايات اخرى ,غير تلك المصرح بها.
و الغريب ان الافلام التي تستقي احداثها من هذه القصص دائما تنجح و تأخذ الجوائز من فرنسا وغيرها من دول الغرب و الجدير بالذكر ان هذه الافلام لا يستحق كاتبها و لا مخرجها ان يكرموا حتى بعلبة بسكويت كي يتقاسماها, فلا المحتوى مذهل و لا طريقة الاخراج و لكنهم يكرمون هذه الافلام لما تحمله في طياتها من محاولات لازاحة الدين عن الساحة و جعله منبوذا تخشاه الناس و تخاف منه ,ثم يأتون بممثلين لا هدف لديهم و لا قيمة ليمثلوا هذه القصص ,و الله المستعان.
المراهقون
من هم المراهقون ؟ إنهم أطفال فيزيولوجيا يتحولون الى شباب و شابات و عمليا يتحولون إلى أوغاد,و السبب في ذلك واضح ,فلا يخفى على أحد رغبتهم الجامحة في فرض رأيهم و الحصول على شخصياتهم المستقلة و إثبات وجودهم بطريقة مستفزة!
حاول أن تكلم مراهق و ستفاجأ بما ستسمع ,و أغرب ما فيهم أنهم عندما يرون الكبار يتحدثون في خطب جلل ,يجلسون و يتصدرون و يقترحون حلولا لا يمكن وصفها إلا ب(المستفزة)!.
و لكن هل هناك من طرق تجعل العيش مع هذه المخلوقات أمرا سهلا ,و هل هناك طرق من الممكن أن تساعد الأهل في تربية المراهقين؟!
بالتأكيد هناك أمورا كهذه و ما من شك بأن المراهق يعرف طرقا للتغلب على هذه الطرق و لكن دعونا نحاول فالأمر يستحق .
يطرأ على الطفل في هذه المرحلة تغيرات واضحة ,و هو يحاول أن يفهم ما الذي يحدث فلا يجد له تفيسرا سوى أنه أصبح شخصا رائعا يفهم كل شيء و يعرف مصلحته تماما ,و أن كلمته يجب أن تصبح مسموعة ,و يشعر دائما أن الناس لا يفهمونه و أنه مظلوم فرأيه مصادر و حريته محجوزة و يخضع دائما لرقابة في كل شيء ,و مع ذلك تبقى الخطورة كامنة في إقبالهم على تجاوز الخطوط الحمراء التي يتعب الأهل في خطها حرصا على المبادئ و الأخلاق ,فيقبل بعضهم على شرب المكيفات و غيرها ,فماذا يفعل الأهل و ما الذي يمكن أن يحد من طيش المراهقين و عنادهم ؟
في الواقع انه حمل كبير و مسؤولية يصعب حملها ,و لا ننسى أن الأهل في كثير من الأحيان يرتكبون أخطاء جسيمة و هم يحاولون تصحيح أخطاء أولادهم ,لذا وجب التعقل و التفهم و عدم التسرع في فرض العقوبات الصارمة أو محاولة كسر المراهق أو إحباطه بطريقة قد تدمر حياته فيما بعد ,كي لا يشعر بأنه منبوذ أو ليس مقبولا أو أنه لن يحظى يوما بالاهتمام الذي يستحق .
و الأفضل في مثل هذه الحالة الاحتضان ,أي احتضان المراهق و ترك مساحة مناسبة ليمارس فيها حريته و لا مانع من مراقبة بعيدة تتسم بالذكاء ,و من المفيد أيضا في هذه المرحلة التعامل مع المراهق على أنه شخص واع و متحمل للمسؤولية حتى يحاول دائما أن يبقى عند حسن الظن ,و مما تجدر الإشارة اليه أن المراهق شخص حساس للغاية حتى و إن أظهر العكس ,لذا يجب إشباع عواطفهم و عدم التقصير في إظهار المحبة و المودة و إشعارهم بأن رأيهم يحظى باهتمام بالغ و أن حقوقهم محفوظة و حريتهم محترمة من قبل الجميع .
ولا بد أيضا من الجلوس معهم بين الفينة و الأخرى لا لإملاء الواجبات عليهم بل لمشاركتهم مشاكلهم و همومهم مهما كان نوعها و توجيهم توجيها خفيا الى الطريق الصحيح بطريقة لا تخلو من ذكاء لأنهم اذا أدركوا ما تقومون بفعله سيفعلون عكس ما تطلبون لا لشيء إلا لمحاولة إثبات الشخصية,و لا بد من أن يدرك المراهق بأن هناك أخطاء قد يتغاضى عنها و اخرى ستكون عاقبتها وخيمة ,ليدرك أنه لا يعيش في المجتمع بمفرده لذا عليه أن يحترم الآخرين و أن يقف عند حدوده.
ما من شيء في الدنيا أغلى من امتلاك طفل و لكن ذلك يتحول إلى كابوس فيما لو أخطأ الأهل في تربيته و تعليمه و زرع القيم و الدين و الخلق فيه ,و ما من كارثة أكبر من أن تفقد ابنك الذي تحب بتحوله الى مدمن أو شخص فاسد لا يقيم وزنا لأي شيء يتخبط في هذه الحياة يمنة و يسارا على غير هدى ,عندها تشعر أن العقم نعمة !و الله المستعان