ماجروهل (Mc Graw Hill) ربما كان هذا الاسم مألوفاً للبعض وخصوصاً من له ارتباط وثيق بالمنهاج المدرسي، من حيث التخطيط والتنفيذ والتقويم والتطوير، وكذلك من له ارتباط بمشروع تطوير العلوم والرياضيات المنبثق عن مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، أما شركة "ماجروهل للتعليم" فهي إحدى شركات ماجروهل ، ويقع مقرها الرئيس في مدينة نيويورك ولها أكثر من 280 مكتباً في 40 بلداً حول العالم ، وتغطي مناهجها جميع مراحل التعليم بدءاً بالمرحلة ما قبل الابتدائية إلى التعليم العالي، وبأكثر من 65 لغة، ولها مجموعة من السلاسل التعليمية في تخصصات عدة، والتي من ضمنها مناهج العلوم والرياضيات.
ومما ساعد على انتشارها وجودة مخرجاتها، كونها مبنية على المعايير العالمية، وآخر ما توصلت إليه الأبحاث والدراسات في مجال صناعة المنهاج، وفق أحدث استراتيجيات وتقنيات التعليم، والمتمركزة حول المتعلم وتلبية احتياجاته، من خلال ما توفره من تنوع في المحتوى وطرق مبتكرة للتعلم، والتطوير المستمر.
وبموجب الاتفاقية المبرمة بين شركة العبيكان للتعليم و ماجروهل، فإنه يتاح لشركة العبيكان للتعليم حق ترجمة مناهج ماجروهل في مادتي العلوم والرياضيات ومواءمتها وبيعها لوزارات التربية والتعليم في جميع أنحاء المنطقة العربية.
وتميزت هذه المجموعة كونها اعتمدت النظرية البنائية في بناء مناهجها، وهذه النظرية ترى بأن التعلم هو ما يحدث بعد وصول المعلومات إلى المتعلم، ودور المعلم فيها تهيئة بيئة التعلم، ومساعدة المتعلم للوصول إلى مصادر المعرفة المختلفة، وهذا هو الفرق الجوهري بينها وبين النظرية السلوكية التقليدية، والتي تقوم على نقل أكبر قدر من المعلومات والمعارف للمتعلم، ومما يؤخذ عليها سلبية المتعلم، نظراً لجمود المحتوى، وطرائق تدريسه الغير نشطة أو الفاعلة، وهو ما كانت عليه مناهجنا إلى عهد قريب.
وتطوير المناهج هي عملية مستمرة، وخصوصاً مع التقدم العلمي والتطور التكنولوجي، حتى تواكب العصر وتلبي احتياجات المجتمع وتطلعاته، لذا تم اعتماد مناهج ماجروهل من قبل مشروع تطوير، وقبل أن تصل تلك المناهج إلى مرحلة التطبيق والإفادة منها كان لا بد من موائمتها مع عقيدة المجتمع وفلسفته وثقافته السائدة، والتي تنضوي تحتها تفريعات كثيرة لا تقل عنها أهمية، ومن هنا برزت تحديات كثيرة، من ناجية ملائمتها لعقيدتنا الإسلامية، وقيمنا الاجتماعية، ففلسفة الإسلام العامة، ونظرته إلى الكون والإنسان والحياة، والتي تشتق منها فلسفة التربية الإسلامية، تمثل البناء الفكري والموجه الأساسي لتربية النشء وبناء قيمه، وهذا كله يجب أن يكون جلياً ومميزاً لمنهاجنا عن غيره من مناهج الأمم والثقافات الأخرى.
وبالنظر للمنهاج المدرسي بمفهومه الحديث والواسع، نجد أن له مكونات عدة يعد المحتوى المعرفي أحد تلك المكونات، إضافة إلى لأهداف وطرائق التدريس واستراتيجياته، والأنشطة وتقنيات التعليم والتقويم، ولا يمكن نجاح المنهاج إلا بتكامله مع جميع مكوناته السابقة في إطار متسق ومترابط، وبناء على ذلك كيف يمكن أن نقدم المعرفة من صور وأسماء وأمثلة للطالب وهي لا تحاكي واقعه ولا تلامس نمط ثقافته، وأكثر من ذلك تقديم المحتوى جامداً دون توافر تقنيات التعليم الخاصة به، ومثلها الأنشطة، فإذا لم تتوافر لهذه المناهج البيئة التعليمية المناسبة من مختبرات ومعامل ووسائط الكترونية وتطبيقات، فلا يمكن أن يعد هذا تطويراً، وليست بمنأى عن ذلك أدوات التقويم المتعددة والمثيرة للتفكير، والمتوفرة في السلسة الأصلية بينما في النسخة المترجمة نفتقد بعضها!!
ولا يخفى على أي تربوي كون المعلم حجر الأساس في العملية التعليمية، وقطب الرحى للوصول إلى المخرجات المستهدفة، ومن ثم لن يكتب النجاح لهذه المناهج دون تدريب المعلم على استراتيجيات التعليم، وطرائق التدريس الحديثة، وتطوير أدائه في شتى الجوانب، بما يتواءم مع المنهاج الجديد. لاسيما إذا علمنا أن أفضل دول العالم في التعليم، كان شعارها المعلم أولاً، بالتحفيز والتدريب والتطوير، للوصول إلى مستوى عال من الاحترافية والإتقان.
كما يبرز تحدى آخر وهو أن هذه المناهج صممت على اعتبار أن الطالب قد مر بمرحلة تمهيدية قبل التحاقه بالمرحلة الابتدائية، وتلك المرحلة شبه معدومة في نظامنا الدراسي إلا ما ندر، ولذلك نلمس ونسمع من المعلمين وأولياء الأمور تذمراً في كون المنهاج أكبر من قدرات الطالب واستيعابه مقارنة بمرحلته العمرية. فضلاً عن الكم المعرفي الكبير الذي لا يتناسب مع ما خصص له من حصص دراسية، لا سيما مع المقررات الأخرى التي تزاحم هذا المقرر في الجدول الأسبوعي.
ولو تأملنا نظام التعليم في فنلندا، أنموذجاً للتعليم المتطور، بل الأول على مستوى العالم حسب تصنيف بيرسون، سنجد أن تعليمهم قام على تطوير شامل ومتكامل بالنظر إلى التعليم كمنظومة واحدة، وعدم التركيز على جزئية دون أخرى، مع المساواة بين كل فرد ومدرسة في الدولة في جوانب ذلك التطوير، دون النظر إلى تفوق التعليم كشعارات فقط. وهذا ما يجب أن يدركه القائمون على مشروع تطوير.
عيسى بن أحمد الفيفي

إقرأ المزيد
Iماجروهل .. وتحديات تطوير التعليم]
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/763/