هي دارنا ، ونحن أهلها، عشنا على أرضها، وتظللتا بسمائها، وشربنا من مائها، واستنشقنا هواءها، وتربينا بين ردهاتها، وتغذينا من خيراتها، وتدرجنا في مسالكها، وتنقلنا بين مدنها، وابتهجنا بأريافها الوارفة ، وفيافيها الواسعة ، وقراها ذات الثمار اليانعة، وأخذنا من جبالها الباسقة العزة والتكرم ، ومن سهولها الممتدة البساطة والتواضع، ومن صحاريها المتعددة النقاء والصفاء، ومن بحارها العمق والدهاء، وعشنا مع رياحها الذكريات الجميلة، فذبنا في أرضها وأوتادها، وذابت في أعماقنا، فكنا كالجسد وهي كالروح، لاينفك أحدهما عن الآخر ،نتوارثها كابرا عن كابر.
قبلة الإسلام ، ومبعث سيد الأنام ، فيها مسجدان من ثلاثة مساجد لا تشد الرحال إلا إليها ، فهي مهوى أفئدة المسلمين قاطبة،
فيها مكة والمدينة أطهر بقاع الأرض .
نشتي في تهامتها، ونربع في نجدها، ونصيف في مصايفها ، ونقضي الخريف بين أرجائها، فهي أمٌّ احتضنتنا بين ذراعيها، وأسكنتنا في قلبها، وأفاضت علينا مما حباها الله من الخيرات والنعم، أنجبت عمالقة الرجال، وسادة البشر ،
غيروا وجه الأرض بنجا حاتهم المذهلة، فنشروا الفضيلة، والقيم النبيلة، والمبادئ الأصيلة، وأشاعوا التراحم والتواصل، وأقاموا العدل، ... حتى غيروا وجه التاريخ المظلم الى وجه مشرق
وضاء، يشع بنور التواضع واللين والحكمة...مقتدين برسولهم صلى الله عليه وسلم، ومن هؤلاء رحمهم الله وأسكنهم الجنة ، موحد هذا الكيان العظيم الملك عبد العزيز وأبناؤه ورجاله البررة ، رحمهم الله جميعا وأسكنهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار، آمين٠
هي دارنا ، فهيا بنا يدا واحدة لتكون ونكون رواد وقادة هذا العالم ، بالعلم والحكمة والنهج المعتدل الوسطي السليم، ننشر الخير والسعادة، والأمن والأمان ، في عالم متخبط يحتاج الى قيادة ، ونحن الأنموذج الأفضل ، فهيا بنا نكون على قلب رجل، لنملأ هذا الفراغ، ونعيد المجد المؤثل، ولن نكون كذلك إلا إذا واصلنا الليل بالنهار عملا وإنجازا، وأقمنا المصانع، وعمرنا الأرض، وحافظنا على مقدرات وطننا، وتواصينا على المحبة والإخلاص، وجعلنا مصلحة الوطن فوق كل مصلحة، وتنبهنا لمكيدة الفجار ، ونفث الحساد، وأيقنا أن الخير كل الخير، والقوة والعزة في التزامنا بديننا الحنيف الطاهر النقي من كل شائبة أو إنحراف.
هي دارنا نعمة من نعم الله علينا ، فلنحافظ عليها بالشكر والحمد لله العلي العظيم ، ثم بمحبة ولاة أمرنا والدعاء لهم في ظهر الغيب، بأن يحفظهم الله ويمكنهم ويعينهم ويسددهم ويرزقهم البطانة الصالحة،ونتحري أوقات الإجابة في ذلك ، ثم بالمحافظة على وحدتنا وأمننا وأماننا، والعمل الجاد لخير بلادنا ورفعتها.
اللهم احفظ علينا ديننا وقيادتنا وأمننا وأماننا، وبارك لنا في ولي أمرنا وولي عهده ،وبلادنا، وبارك لهم فينا، واحفظنا جميعا وبلادنا من كل سوء ٠
آمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
بقلم/ حامد بن جابر السلمي
مدير عام التعليم بمنطقة مكة سابقا.
جدة ١٦/ ٢/ ١٤٤٣هـ