السادسة وأربعون دقيقة صباحاً .. أقف في أروقة المدرسة بانتظار انتهاء الاصطفاف الصباحي واستقرار الطلاب في صفوفهم حتى يتسنى لي زيارة المعلم الذي لمحته قبل دقائق يصف سيارته .. أسأل عن المعلم لاتفاجئ أنه غائب ! كيف وقد لمحته بالخارج ؟ ولاتفسير إلا أنه غير مستعد للقائي..
تواصلت معه في وقت لاحق لأحدد موعد الزيارة حتى أضمن وجوده ، وعندما حل موعد اللقاء حضرت ولم أجده أيضاً ولم يبدِ أي عذر أو تفسير ، ولا تفسير عندي للموقف إلا أني على ما يبدو زائراً ثقيلاً على نفس المعلم يتهرب من لقائي خشية أن أتناول تقصيره في العمل بنقد قاس أو تأنيب جارح ! ولم يعلم أني زميل محب آتيه بكل حماس لنتعاون معا من أجل أن يحصل أبناؤنا الأعزاء على أعلى وأجود مخرجات التعليم.. مثل هذا الموقف ومواقف أخرى ليس أشد ما يؤذيني فيها غياب الاحترافية في العمل وإخلاف الموعد إنما أشد ما يزعجني الصورة المشوهة للعلاقة بين المعلم والمشرف التربوي .
إن الاشراف التربوي هو عملية تعاونية لتطوير وتحسين العملية التعليمية تتم بين المشرف والمعلم ، وهي علاقة تكاملية يستحيل أن تنجح وتثمر إلا بتعاون الطرفين والتزامهم بأخلاقيات المهنة ، إلا أن بعض الأخوة المعلمين ما زالوا يرون أن المشرف التربوي هو ذلك الشخص الذي جاء لتحديد أخطائهم وانتقادهم وإلقاء الأوامر والتعليمات عليهم فقط ، مع أن دور المشرف التربوي قد تحول من التفتيش إلى التوجيه القائم على أسس علمية صحيحة ، فالمشرف التربوي باحث وموجه يساعد المعلمين على تفهم مشكلاتهم واتخاذ القرارات المناسبة تجاهها وتشجيعهم والإشادة بهم، هذه هي النظرة الحديثة للإشراف التربوي.
وأنا هنا لا أُلقي اللوم على جميع المعلمين ولا أبرئ ساحة جميع المشرفين وإنما هي حالات خاصة أحببت أن أضعها تحت المجهر حتى نتعاون للقضاء على هذه المشكلة مستقبلا..
أتمنى من أعماقي أن يأتي اليوم الذي لا أشعر فيه أني زائر ثقيل، أتمنى أن يأتي اليوم الذي لا أُعامل فيه كزائراً للمدرسة، لأنني في الواقع مهمتي كمشرف تربوي تجعل موقع عملي التنقل بين المدارس، فالمدرسة بيتنا جميعاً وإن لم يطل مكوثنا فيها إلا أننا نسعى معًا مشرفين وإدارة ومعلمين لنظفر بجيل ناجح واع موفق يصعد بوطننا الغالي بإنجازات ليس لها مثيل .
بقلم / فهد بن عبدالعزيز الحقباني
مشرف تربية بدنية