يُجمع عُـلماء النفس على أن الطفل أشبه ما يكون بصفحة بيضاء ناصعة ، وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم : ما من مولود إلا ويُولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ؟ والفطرة بحسب رأي علماء المسلمين هي الإسلام لما تميز به من نقاوة وشمولية ومنهج قويم لكافة نواحي الحياة . قال تعالى ( فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) فإذا ما أدركنا جميعاً مربون ومعلمون هذه الحقيقة برمتها بالإضافة لممارسات أخرى للأطفال في هذه المرحلة كالتقليد ، والاستكشاف وكثرة التساؤلات لا سيما عن الأشياء الجديدة أو الغريبة أو المعقدة التركيب ، فإن هذا ما يتطلب ، ومن منطلق هذا المُكوّن الفطري القابل للنقـش والرسم والتغيير العناية التامة بهم ، ورعايتهم المستمرة ، والقدوة الحسنة لهم قولا وفعلا ، والإجابة على تساؤلاتهم بكل دقة ووضوح وموضوعية ذلك لأن ما يقع تحت نظرهم أو ينموا إلى مسامعهم ، أو يترسخ في ذاكرتهم ، ووجدانياتهم من خصال الخير وجميل الأفعال والعلوم المفيدة أو عكسها سيظل باقياً معهم طيلة حياتهم كما تفعله آلة التصوير وهي تلتقط صور مُعينة ، فتخرج كما كانت عليه ، وهذا ما يستدعي الحرص والانتباه إليه ناهيكم عن أمور أخرى مُهمة ومنها ما يلي :
عند التحدث والتحاور مع الأطفال ينبغي مراعاة شعورهم وظروفهم وأن يتم ذلك وفقاً لأساليب مُحببة للنفس بدلاً من الشدة والقسوة والسخرية والصراخ في وجههم أو مُخاطبتهم بكلام بذيء يحط من قدرهم أمام الناس .الابتعاد عن الضرب والمتناقضات ومقارنة الأطفال بغيرهم بأي شكل من الأشكال لما يُسببه من نفور وانفعالات ونزعات عدائية أو تخريبية نتيجة لعدم توافقهم النفسي كما أثبتته التجارب والدراسات العلمية في هذا المنحى بالإضافة بعدم الاكثار من النصح والإرشاد واللوم والعتاب والوعيد والتهديد وإصدار الأوامر والنواهي ، وتحري الوقت والمكان المناسبين في حالة التوجيه . تعويد الأطفال على الاحترام والتقدير ، وحب الخير والعمل الصالح ، ونبذ ما سوى ذلك من سلوكيات غير خلاقة كالكذب والخيانة وممارسة الرذيلة ، ومصاحبة رفقاء السوء ، والتأثر بما تقدمه الفضائيات وأجهزة التواصل الاجتماعي من مواد وبرامج وتمثيليات تتضمن معتقدات هدامة وتطرف فكري وانحلال خلقي ونعرات طائفية وافتنان بالمطربين والمطربات والاقتداء بهم بينما هم ليسوا كذلك من منظور إسلامي بحت .غرس الثقة وترسيخ مفهوم الأمانة والإخلاص وتحمل المسؤولية في نفوس الأطفال بالإضافة لمدى أهمية القوة والشجاعة والحكمة عند مواجهة المواقف الطارئة أو الصعبة ، فلقد سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير، وقتما كان صغيراً وهو يلعب مع أصحابه في أحد الطرقات التي مر بها . لماذا لم تهرب كبقية أصحابك ؟ فرد عليه : لم أكن مذنباً حتى أهرب ولم أكن خائفاً ، فأوسع لك الطريق ، وهو ما يدل على قوة شخصيته وثقته بنفسه وشجاعته وفطنته ومصداقيته التي تربى عليها رضي الله عنه .احاطة الأطفال بالحب والحنان والملاطفة والتقبيل وتقديم الهدايا الرمزية لهم كلما قاموا بسلوكيات إيجابية كما كان يفعله نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم مع الأطفال وقتما يُقابلهم حيث كان يحتضنهم ويصافحهم ويلاعبهم ويمازهم ويوجههم لفضائل الأعمال ويكافئهم على سلوكياتهم الحسنة . تمكين الأطفال من ممارسة الأنشطة التي تستهويهم لما لها من آثار إيجابية على صحتهم ونفسيتهم وتعليمهم ، والخروج بهم للحدائق، والمنتزهات والملاهي الخالية من المنكرات كلما سنحت الفرصة من قبيل الترويح عن النفس.تحاشي الشجار أمام الأطفال لكي لا يُولد لديهم البغض والكراهية أو تخويفهم بأي وسيلة كانت ، فلا يستطيعون التحدث أمام الناس مثلا أو الافراط في تدليلهم فتغدوا شخصيتهم قلقة وانطوائية وأنانية ومتبلدة وبالتالي ليس في مقدورهم مواجهة مصاعب الحياة والتغلب عليها .تشجيع الأطفال على القراءة والاطلاع ومنحهم قسطاً كبيراً من حرية التفكير العلمي والابداعي لأجل تنمية قدراتهم ومواهبهم كتركيب وفك لعبة معينة أو تلخيص قصة أعجبتهم أو رسم منظر طبيعي وهكذا ، وبالله التوفيق
عبدالفتاح أحمد الريس
باحث تربوي وعضو الملتقى الإعلامي بتبوك