عندما نعد أنفسنا لمناسبة ما، فإن ظهورنا في تلك المناسبة سيكون لافتا إلى حد كبير.
وقد يكون ذلك حالنا وحال غيرنا من الناس،
لأن الجميع يعد نفسه بشكل مثالي، كونها مناسبة في وقت محدد ولغرض محدد .. وعين الناقد بصيرة.
وهنا سؤال ..
لماذا نعد أنفسنا وأبنائنا للصلاة -مثلا- بشكل دائم، وعلى أكمل وجه؟
أليس لأن للصلاة أركان وواجبات وشروط لا تتم إلا بتمامها.
إذن نحن البشر نبحث عن الكمال وننشده.
فلعله من الطبيعي الإعداد الجيد، بمهارة عالية، وبأقل كلفة، وأقصر وقت، لننال درجة عالية من الكمال.
ترى..
هل ينسحب هذا الرأي على غيره من شؤون الحياة؟
لماذا نجتهد في أوقات ونتهاون أو نتراخى في أوقات أخرى؟
من المتوقع أن أمور العبادات يكون فيها الاجتهاد مستمرا، ويبذل الشخص ما يستطيع من طاقته -بعد توفيق الله- دونما شكر من أحد.
أما الجوانب الحياتية فلعل اجتهاده وإتقانه يتباين من وقت لآخر، حسب الدوافع والأسباب، وحسب مستوى الرضا والقناعات.
ترى .. لماذا؟
في اعتقادي -والعلم عند الله- أن السر يكمن في وضوح الرؤية، ودقة الأهداف، ودرجة القناعة والثبات العاليان.
فما يتعلق بالعبادات يكون المسؤول عنها -الله عز وجل- متابع لكل صغيرة وكبيرة، راصد لكل حدث، موثق لكل عملية، حتى النية لها قيمة عنده -جل في علاه-.
لذا فالشخص المسلم يعلم يقينا بما يعمل، وما سيتم، وإلى أين هو ذاهب، وما يريد تحقيقه من أهداف.
في هذه -العمليات- أعلى مستوى من درجات الشفافية والمصداقية والثبات.
أما ما يتعلق بالجوانب الحياتية، فحدث ولا حرج ..
عن تباين الغايات والأهداف بين المسؤولين والأفراد العاملين في المنظمة، سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع المحلي والوظيفي.
يتحكم في ذلك عدة جوانب منها القناعات التي يؤمن بها الشخص المسؤول، ومدى الرضا عن الآخر..
فقد تكون تلك الأمور شخصية أو مهنية.
إذن .. فعندما يحدث الاستقلال، أو التحرر من قيود الرقابة والمحاسبية، بانشغال المسؤول أو تهاونه أو تغير سياسة عمله أو انشغاله أو غير ذلك، فإن مستوى الأداء يتغير، ومستوى جودة الناتج يتغير -سلبا أو إيجابا-.
لماذا كل هذا يا كرام!!
هل لأنه شرط أن نعمل في ظل رقابة؟
أم لتأثرنا السريع بمن يرأسنا؟
أم لارتباك الرقابة الذاتية لدينا؟
أم لغياب المسؤولية المهنية؟
أم لعدم وضوح الرؤية؟
أم لعدم دقة الأهداف الكبرى والتركيز عليها؟
وأهمس لكم..
ربما بأنه لغياب الضمير لدى الفرد والمسؤول -كل في موقعه- !!
ولو افترضنا جدلا بأن هذا هو الحال، فأي منتج تنتظر!!
نعود ونقف مع أنفسنا برهة..
من المستفيد من اتقانك لعملك؟
لمن يعود الكسب الحقيقي إن أنت أخلصت -النية لله- في كل ما تؤدي من أعمال؟
من الخاسر إن كان عملك مشوب بالرياء والسمعة، وقولك مشوب بالكذب والزور؟
يقول الله عز وجل: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها..) الآية.
ويقول نبينا محمد ﷺ (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).
هنا حث صريح ومباشر لنا نحن العاملون.
إذن .. لعل الصواب أن نعمل ونحتسب تلك الأعمال كعبادة نرضي بها ربنا، ونحيي جانب الرقابة الذاتية لدينا، لكي نفوز بخيري الدنيا والآخرة.
أجزم يقينا بأن العمل على هذا المبدأ سيؤدي إلى ديمومة الجودة الشخصية والمهنية في كافة المجالات.
ترى .. لماذا اليوم العالمي للجودة؟
أهذا يعني إتقان العمل في ذلك اليوم فقط؟
أم هو شعار يرفع وينادى به في ذلك اليوم؟
إن صح اعتقادي فهو إحياء لذكراها، وتذكير بمعناها، ومطلب لفحواها.
ما أجمل العمل بدافع ذاتي، وبرقابة ذاتية.
ما أجمل المنظمة برؤية واضحة، وأهداف دقيقة.
ما أجمل العطاء بروح الفريق، وإلى ذات المصير.
حقيقة الأمر يا سادة ..
بأن الجودة دوم وليست يوم.
ثابت بن عبدالله الشريف

الجودة يوم … أم دوم ؟
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/253514/