يُعد التميز من الأمور التي يحرص عليها كثير من الناس لا سيما فيما يتعلق بالأعمال المهنية أو الحرفية التي يقومون بها لصالحهم أو لصالح جهات أخرى معتبرة وهو في ابسط تعريف له : قدرة الشخص أو الموظف على تحقيق نتائج إيجابية غير مسبوقة في مجال عمله وتفوقه على كل من ينافسه من خلال رؤى واضحة وتخطيط سليم وضمير يقض وفطن ومتحمس ومتمكن ومنضبط وملتزم ، أو بمعنى آخر قيام الموظف بعمل مختلف أو انجاز فريد أو تجربة رائدة تخدم العمل أو تتفوق على ما يقوم به الآخرون كما أن التميز لا يقتصر على نشاط معين أو على فئة من الناس أو على مجتمع بذاته أو على البشر لوحدهم ، وإنما يتجاوز ذلك إلى سائر مخلوقات الله الأخرى بغض النظر عن الزمان والمكان ، فبقدر ما نقول على سبيل المثال إنسان متميز بأخلاقه وتفوقه العلمي وعطائه اللامحدود نقول أيضاً بأن هناك عمارة متميزة في تصميمها وشكلها وموقعها على أحد الشوارع الرئيسة ، وسلعة متميزة في صناعتها وجودتها ، وشجرة متميزة في شكلها واناقتها وثمرتها ، وجبل متميز في ارتفاعه ولونه وانسياب سفوحه ومدينة متميزة كمكة المكرمة نظراً لاحتضانها لبيت الله الحرام والكعبة المشرفة والمشاعر المقدسة والتي لا يوجد لها مثيل على مستوى الأرض على الاطلاق ، وهكذا ، فالتميز إذاً يُعد من السمات الجميلة والرائعة والمحببة للنفس ، وبناءً على ذلك فإننا ما احوجنا إلى موظف ذو كفاءة عالية ومتميز في عمله أينما وجهته يأتي بخير ، وإلى قائد مدرسة متميز يجعل من مدرسته بيئة جاذبه ومنضبطة ومتميزة في مخرجاتها التربوية ، وإلى معلم متميز يتحقق على يديه تخريج جيل من الأبناء الطلاب على مستوى عال من مكارم الأخلاق وتحمل المسئولية ويساهم في رقي مجتمعه وبناء وطنه وازدهاره ، وهذا ما يحتاج بالكاد إلى توفر عدت صفات ومقومات في المعلم وفي مقدمتها القدوة الصالحة لأبنائه الطلبة في القول والعمل ، وتمكنه من مادته العلمية وما يستجد عليها بالإضافة لامتلاكه للمهارات الفنية والأساليب التربوية الجاذبة والمشوقة والمؤثرة ومعرفته بأحوال طلبته الصحية والنفسية والمسلكية فضلا عن قدراتهم واستعداداتهم وميولهم والفروق الفردية فيما بينهم وما قد يحتاجون إليه من احترام وتقدير وعناية واهتمام وتشجيع على كل بادرة إيجابية يقومون بها ، فتميز المعلم والذي يُمثل حجر الأساس لبناء العقول وانعكاس ذلك على تقدم المجتمعات والأوطان بات مهماً للغاية ، وسط عالم مندفع للنيل من التميز لأجل تحقيق مكاسب حياتية مهمة وهو ما تحرص عليه الدول العظمى خاصة وذلك من خلال استثمارها للعقل الإنساني على نحو من التفكير العلمي الخلاق والرؤى المستقبلية المبنية على خطط مدروسة بعناية فائقة
عبد الفتاح بن أحمد الريس
باحث تربوي ومؤلف وكاتب صحفي