التغذية الراجعة وسيلة لتحسين الأداء والتطور
لا يساورنا أدنى شك من أن المشرفين التربويين وقائدي المدارس والمعلمين أيضاً يهتمون كثيراً بالتغذية الراجعة نظراً لما لها من انعكاسات إيجابية على طلابنا وطالباتنا والذين بنجاهم وتفوقهم تتحقق الأهداف التربوية والتعليمية التي نتطلع إليها جميعاً على اعتبارهم يمثلون حجر الزاوية في هذه العمليةغير أن ما لفت نظرنا حقيقة ومن خلال حديث عام عن التعليم مع بعض الأشخاص العاملين في هذا المجال في أحد المناسبات عدم معرفة بعضهم بلا مُآخذه بهذا المسوغ ، والذي ربما نعزوه لعدم اجتهادهم لمعرفته أصلاً أو لكون هذا المصطلح جديداً ولم يسمعوا به من قبل مما دفعتنا هذا لكتابة هذا المقال الذي نأمل أن يكون فيه الفائدة المرجوة للجميع ، فيا هل ترى ماهي التغذية الراجعة ؟ لقد عرفها (مهرنز وليمان ) على أنها تزويد الفرد بمستوى أدائه لدفعه لإنجاز الأفضل في الاختبارات القادمة من خلال تصحيحه للأخطاء التي وقع فيها ، فيما عرفهاآخرون بأنها تزويد الفرد أو المتعلم بنتائج ما تعلمه أو قام به من عمل لمساعدته على الاستمرار إذا ما كان عمله يسير بصورة صحيحة أو تعديل ما قد اكتنفه من نقص أو قصور لأجل الوصول به إلى أداء أفضل يخدم مصلحة العمل الذي ينتمي إليه ، وهي بهذا المفهوم تشكل مع عملية التقويم منظومة متكاملة لتحقيق أقصى ما يمكن للعمل من العطاء والإنتاج والجودة . أما أهميتها فهي بقدر ما تبين للفرد العامل أو المتعلم نتيجة ما تعلمه أو قام به من عمل سواءً أكان صحيحاً أم خاطئاً بقدر ما تؤدي إلى زيادة دافعيته وتعزيزه وتشجيعه على الاستمرار لا سيما في حالة تحقيقه لنتائج إيجابية عوضاً عن بناء الثقة وتحمل المسئولية ومعرفة مدى ما حققه من أهداف وما بقي له من منها ، ولها أنواعها عديدة ومنها (1) تغذية داخلية وهي المعلومات التي تزود بها الفرد أو الموظف أو المتعلم من خلال تجاربه وخبراته وأفعاله المتكررة أي من داخل الفرد ذاته (2)تغذية خارجية وهي على العكس من الأولى حيث يتلقى الفرد مثل هذه المعلومات من الخارج من خلال أشخاص لديهم علم ودراية أو من قبل جهات معنية بذلك بالإضافة لأنواع أخرى ومنها : التغذية الفورية والمؤجلة ، الإيجابية والسلبية ، اللفظية والمكتوبة ، المتلازمة والنهائية ، التصحيحية والتعزيزية ، الإعلامية والتأكيدية ، الفردية والجماعية . أما أفضلها ما يكون منها على الفور ومكتوباً لأجل الرجوع إليها عند الحاجة ، ولأهميتها فقد اثبتت التجارب بأن الموظف الذي يعمل دونما يعرف نتائج عمله وما يترتب عليه لا يؤدي به إلى التعلم الجيد أو التقدم نحو الأفضل والعكس صحيح حينما يعرف الموظف نتاج عمله وما حققه من إنجاز . تجدر الإشارة إلى أن التغذية الراجعة لم تكن معروفة بهذا الاسم طيلة عهود قديمة ولكن بعد تطويرها على يد العالم الأمريكي (ويتر) وعدد من مُعاصريه أمثال (بيرتا لانفي ، وشينسون ) ظهرت على هذا الصيغة فيما بعد وتم تداولها على نطاق واسع في كثير من المجالات التربوية والنفسية والفيزيولوجية والجيولوجية والهندسة والفنون والاتصالات. . من جهة أخرى لابد من التأكيد هنا ضمن هذا الاطار بأن القرآن الكريم بالإضافة للسنة المطهرة يُعدان من أهم المرتكزات الأساسية والثابتة والناجعة لتحقيق ما تعنيه التغذية الراجعة من مفاهيم ودلالاتها وأهداف فعلى سبيل الاستشهاد يقول الله تبارك وتعالى ( اذهبا إلى فرعون إنه طغى ) ويعني بذلك نبيه موسى وأخيه هارون ( فقولا له قولا ليناً لعله يتذكر أو يخشى ) اما في السنة النبوية الشريفة فيكفينا منها ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع ذلك الرجل الذي أخطأ في صلاته والذي عندما اتضح له بعدم استطاعته تأديتها بصورة صحية ولأكثر من مرة قام حينئذ بتعليمه كيف يصلي حتى أجادها ، وفي رواية أخرى قام بتعليمه من خلال التطبيق العملي لتكون بذلك قاعدة ثابتة يسير عليها ، هذا ما أردناه ايضاحه في هذا الموضوع مع الأخذ في الاعتبار الشروط التالية عند التطبيق وهي : الاستمرارية والشمولية والموضوعية بالإضافة لضرورة أن تكون الأدوات المستخدمة فيها دقيقة وواضحة وبمنأى عن التسلط والتهديد والسخرية والتطويل الممل وأن تستند النتائج إلى أسس من الفهم الصحيح والعميق والتحليل العلمي الدقيق ، وبالله التوفيق .
بقلم / عبدالفتاح بن أحمد الريس -- تبوك