لقد جاء قرار نقل الوحدات الصحية المدرسية من وزارة التعليم الى وزارة الصحة كخطوة أولى في الاتجاه الصحيح , وان كانت الخطوة قد جاءت متأخرة جدا ولكن ومع ذلك يجب أن تتبعها خطوات اخرى . الحقيقة لو تأملنا التجهيزات الصحية في العديد من الوحدات الصحية المدرسية في الادارات التعليمية لوجدنا أنها لم تكن تصلح أن تكون مقراً كعيادة لطبيب (عام) , فما بالك بوحدات تم تكليفها بتقديم الرعاية الصحية في العديد من التخصصات الطبية ولاعداد كبيرة من الطلاب والطالبات ! حيث تجد الكثير من الأجهزة الطبية اما انها كانت مرفوعة من الخدمة (تالفة) , أو أنها قديمة جدا ومكانها الطبيعي هو المتحف ! اضافة الى عدم توفر العديد من الاجهزة الطبية الحديثة والنقص الحاصل في الأدوية . ناهيك عن تواضع الامكانيات لدى الكوادر الطبية نتيجة النقص في الخبرات وابتعادهم عن الاجواء الطبية (المستشفيات) , وعدم تمكنهم من الالتحاق بالدورات الطبية التي تتم اقامتها في المستشفيات . الحقيقة نحن لا نلوم وزارة التربية (التعليم) في ذلك , لقد تم اقحامها في مجالات ليست من صميم عملها , ومع ذلك أدت الدور المنوط بها حسب الامكانيات المتاحة . وقد شكل هذا بدوره ترهل اداري ونزيف مالي واشغال للوزارة عن العمل التربوي والتعليمي . حيث تجد هناك مرشد صحي أو أكثر في كل مدرسة , وتم تكليفهم بمهام يعجز عن القيام بها طبيب عام فما بالك بمن ليس له دراية او خبرة بالشأن الصحي , اللهم الا دورات تم الحصول عليها في بضعة أيام وعلى عجل ! وكل ذلك على حساب العمل التربوي والتعليمي . بل اصبحت هناك ادارات ومباني وكوادر ومستودعات طبية حتى يخال اليك بأنك تتعامل مع وزارة اخرى للصحة (رديفة) ! حيث تجد انه تم تكليف الوحدات الصحية بسلسلة من البرامج تحت اشراف ادارة الصحة المدرسية منها ما هو وقائي وعلاجي وما بين هذا وذاك تفاصيل يعجز عن القيام بها مستشفى متكامل . اضافة الى اقامة العديد من الدورات التدريبية واصدار العديد من النشرات والمطويات والبروشورات والكتيبات وفي جميع المناسبات وفي كافة المجالات على وزن ( مطوية القمل , اليوم العالمي لغسيل الأيدي . فوائد بعض الفواكه) ! والحق يقال بان الوحدات الصحية كانت تشهد اقبالا كبيرا وغالبا ما كان ذلك بهدف الحصول على الاجازات المرضية وليس من أجل العلاج ! حيث تم منحها صلاحية اعطاء اجازات مرضية لمدة ثلاثة أيام وهذا يفوق الصلاحيات المعطاة للمستوصفات الاهلية المتكاملة الخدمات (يوم واحد) ! وان كنت اعتقد بان الاجازات المرضية سوف تشهدا تقلصا واضحا بعد حسم بدل النقل حيث تجد أن البعض عنده (الهللة) مقدمة على الريال ؟! بعد نقل الوحدات الصحية كنا نأمل أن ينزاح حمل كبير عن كاهل وزارة التعليم . لكن بعد دمج الوحدات الصحية المدرسية مع وزارة الصحة تم الغاء الوحدات الصحية نهائيا وتم توزيع كوادرها المادية والبشرية على المستشفيات والمراكز الصحية (؟!) لتبدأ رحلة المعاناة لدى الطلاب والطالبات والكادر التعليمي والاداري مع المستشفيات والمراكز الصحية من حيث الانتظار وأخذ االمواعيد كأي مراجع ! وبالتالي فهذه وللأسف تعد خطوة الى الوراء ! جاء قرار وزارة التعليم الأخير بإنشاء ادارة الشؤون الصحية المدرسية ليتم بناء عليه العودة الى الوحدات الصحية المدرسية مرة أخرى ولكن من بوابة (قسم الشؤون الصحية المدرسية) في كل ادارة تعليمية ! وهذا ما سوف نتطرق اليه في الجزء الثاني من المقال .
بقلم / فوزي بن محمد الاحمدي - تبوك