تأملت في حال أبنائنا قبيل كل إجازة، وبعد كل إجازة فوجدتهم على أصناف، فصنف قد بيتوا النية بالغياب ولا شيء يمنعهم، وصنف يذهبون إلى المدرسة مجبرين، وصنف آخر يمارسون ما اعتادوا عليه من دوام، ورابع يذهب من أجل التعلم، والحق أن وراء كل صنف محركات وبواعث من أهمها أولياء الأمور، فمنهم الذين لا يكترثون لغياب أبنائهم وهم سبب رئيس في انتشار الظاهرة، وإن تعجب فاعجب من أولياء الأمور الذين نشأوا على ثقافة الانضباط ممارسة واعتقادًاحينما كانوا طلابًا ثم ما لبثوا أن انقلبوا على مبادئهم بعد أن أصبحوا آباءً! عزيزي ولي الأمر أعلم أنك الآن تحدث نفسك بأن هنالك أسباب أخرى أسهمت في تفاقم المشكلة، وعززت انتشار الظاهرة ولا أحد ينكر ذلك، ولكن فلتبدأ أنت بممارسة دورك الفاعل في حث الأبناء على الانضباط، وعدم الإخلال بالانتظام الدراسي ما لم يكن هناك سبب وجيه للغياب، ومن يخالف يعقاب، وأنا لا أقصد العقاب البدني، فالعقاب بالحرمان أكثر فعالية. إن تلك الظاهرة وغيرها من الظواهر تستوجب منا جميعًا الاعتراف بتقصيرنا أولًا، ثم أن نوجد الحلول ثانيًا، ثم يتحول اعترافنا وحلولنا إلى قرارات رادعة ثالثًا حتى لو كانت تلك القرارات قاسية بعض الشيء. فقسا ليزدجروا ومن يك حازمًا ** فليقس أحيانًا على من يرحم والحق أن سن القوانين أمر ميسر، ولكن المحك الحقيقي هو تطبيقها على الوجه المطلوب. لماذا لا نستنسخ بعض التجارب الفريدة في تربية السلوك؟ إن المساس بدرجات الطلاب في المواظبة والسلوك بآلية واضحة وثابتة وحازمة بما يشبه تمامًا المساس بجيب المخالف لأنظمة المرور (ساهر) هو أحد الحلول لظاهرة الغياب المتكرر على أن يكون ذلك بعلم وتوقيع ولي أمر الطالب كميثاق سلوكي بين المدرسة وولي الأمر، ويكون توثيق الحضور لمنسوبي المدرسة طلابًا ومعلمين وإداريين آليًا بنظام يرتبط بجهاز الوزارة مباشرة أو الإدارة على أقل تقدير، ولنطلق عليه اسم (راصد). ما لم نوطن أنفسنا ومن هم تحت ولايتنا على الانضباط، فلن نتقدم في بناء وطن، ولن نسهم في إحداث تغيير. إن المرحلة التي نمر بها تتطلب تضافر الجهود، وشراكة حقيقية للوصول إلى أهداف قيادتنا وتحقيق رؤية بلادنا الطموحة ٢٠٣٠ ثم إن نجاح المجتمعات المهنية التعلمية مرهون بقيام كل جهة وكل فرد بدوره الفعال في صورة تكاملية. عزيزي ولي الأمر فليتسع صدرك لما طرح، واعقد العزم على ممارسة دورك كمسؤول، وكن حازمًا في ذلك ولا ترض إلا بالانضباط سلوكًا لأبنائك فإني لك من الناصحين ..
بندر بن عبدالرحمن الشهراني