يكاد أن يكون ضعف التحصيل العلمي عند الطلاب وفي جميع المراحل الدراسية وحتى في الدراسات العليا الهاجس الرئيسي الذي يشغل بال الجميع بدون استثناء , وتجد كل يدلي بدلوه وياتي بالأسباب وايضا بالحلول والتي غالبا ما أنزل الله بها من سلطان ! على وزن ان ذلك يعود الى اسباب ذاتية واسرية واجتماعية وصحية وجسمية وبيئية ! وكأن علماء المسلمين الأوائل قد توفرت لديهم جميع وسائل الرفاهية , ولم يعاني الكثير منهم منذ الطفولة من الحرمان الى اليتم والغربة والفقر والاعاقة , ومع ذلك تجد الواحد منهم قامة علمية بل (جامعة متنقلة) , بل لا ابالغ اذا قلت موسوعة علمية في كافة انواع العلوم والمعرفة . لو قدر لهؤلاء العلماء وبما يمتلكونه من علوم ومعارف ومهارات ان يكونوا في زماننا هذا والله لوجدتهم قد قادوا الأمة نحو النهضة والتطور , وهيمنوا على جميع وسائل الاعلام وبرامج التوك شو (الحوارية) والتي يسيطر عليها الآن اشباه وانصاف وارباع المثقفين . تكمن المشكلة في النظام التعليمي الفاشل الذي يطغى على جميع المؤسسات التعليمية في جميع دول العالم الثالث أنه يفترض ان الجميع على قلب رجل واحد ! دون مراعاة الى الفروق الفردية بين البشر , بل تجده مجرد قص ولصق عن النظام التعليمي في الغرب . والتي يمكن ان نختزلها في هذه النكتة والتي تصلح ان تكون قاعدة في التربية والتعليم تقول : (اذا كان مدرس واحد لا يستطيع ان يدرس جميع المواد فكيف لطالب واحد ان يتعلم كل المواد ) ! والله هذه النكتة تختزل الحكاية من الآخر ؟! ياتي الطالب من المنزل الى المدرسة وهو لا يستطيع ان يميز بين الحصان والحمار , او هذا اللون او ذاك , او حتى كيف يذهب الى دورة المياه ! ثم يبدأ التعليم معه في القراءة والكتابة ثم ينتقل الى الرياضيات ثم العلوم وبعدها حصة الرسم والرياضة والى التاريخ والجغرافيا ثم الفقه والقرآن , وكل له طريقته وهكذا دواليك يستمر على هذا النمط الممل حتى يكمل التعليم العالي ! مثل قائد سيارة يقودها يمين ثم يسار ثم صعود وهبوط ثم يزيد السرعة ثم يتمهل واخيرا يتوقف ليجد المركبة وقد اصابها العطل ! وهذا حال التعليم عندنا وفي جميع المراحل فتجد الطالب قد تخرج ولم يتقن أي من علوم الحديث او التجويد او النحو او حتى تلاوة القرآن (دستور الأمة) ! ولا حتى أي من المواد العلمية ! قال تعالى : (وعلم ادم الاسماء كلها) , نعم الاسماء هي المدخل الى التعليم ونحن للأسف نبدا بتعليم الطالب جميع انواع العلوم دفعة واحدة ! بدءا من الصفوف الدنيا حتى يكمل الدراسات العليا وتجده يتخرج ولا يتقن أي منها ! بل تجده عندما يقوم باعداد رسائل الماجستير والدكتوراة يذهب الي مختص في اللغة كي يقوم بمراجعة الرسالة املائيا ونحويا ولغويا بل وابعد من ذلك بكثير , ناهيك عن النسخ والقص واللصق وفي النهاية حرف (الدال) والذي أصبح يضاهي به باشوات أيام زمان ! ولو نظرنا الى علماء المسلمين الأوائل تجدهم وقد بدؤوا حياتهم العلمية بخير ما نبدأ به جميعا آي من الذكر الحكيم , حيث البداية مع كتاب الله , ثم بعد ذلك علوم اللغة والحديث والتفسير والفقه , ثم ببركات ذلك كله يفتح الله عليهم بصائرهم فينطلقون الى بقية العلوم . نحن بحاجة الى ثورة (نقلة) نوعية في عالم التعليم ولكن السؤال هو : هل هناك من يجرؤ على الكلام عفوا ان يبدأ في الخطوة الأولى ؟! مثلا لماذا لا يكون الفصل الدراسي الأول للمواد النظرية , والثاني للمواد العلمية أو العكس حتى يستطيع الطالب ان يركز على جانب واحد (مترابط) ويبدع فيه بدلا من كوننا ننتقل به مرة ذات اليمين واخرى ذات الشمال . فلا أتقن هذا ولا حفظ ذاك كما هو الحال .
*** بقلم / فوزي محمد الاحمدي - تبوك
فوزي بن محمد الأحمدي

التحصيل العلمي والواقع المرير ؟!
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/244893/
المحتوى السابق المحتوى التالي
أضف تعليقاً إلغاء الرد
This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.
1 ping