في بعض مناطق المملكة يستخدمون كلمة ( دبج ) في سياق العنف فهي لديهم بمعنى المبالغة بالضرب في وضع معركة مع شخص ما . ولكني قبيل كتابة هذا المقال رجعت لمرجع في اللغة العربية فوجدت المعنى معاكس تماما لما يتبادر إلى أذهاننا فكلمة ( دبج ) تأتي بمعنى الجمال و التجميل .
دعني – أخي القارئ الكريم – أتحدث معك عن مفهوم ( دبج) التقنية بالتعليم بالمفهوم العربي (الفصيح) وبالمفهوم العامي (الفضيح ) إن صحت العبارة .
عندما نتكلم بمفهوم اللغة العربية الفصحى فإن الحديث يتوجه إلى أهمية التقنية و دورها في العصر الحديث من حيث سرعة الوصول للمعلومة من ناحية , و وضوح المعلومة من ناحية ثانية , و تشويق المعلومة من ناحية ثالثة و غيرها من الجوانب الهامة لاستخدامات التقنية . وهنا يتساءل رجال التربية و التعليم لماذا لا يستخدم المعلمون التقنية في التعليم ؟ رغم هذه المميزات و رغم وجود بعض الوسائل التقنية في حياتهم بل في مدارسهم ! !
لا شك أن هناك عدة أسباب أدت إلى وجود ظاهرة إحجام المعلمين عن استخدام التقنية في التعليم لكني سأتحدث عن سبب واحد هو : ( دبج) التقنية بالتعليم لكن هذه المرة باللهجة العامية .
الجهود المبذولة لتفعيل التقنية في تعليم العلوم ليست مقبولة إلى الحد المرضي رغم وجود أطروحات هنا و هناك لكن مع ذلك فإن بعض هذه الجهود لا تؤتي ثمارها ليس لسوء الأفكار و المنتج المطروحين لكن لسوء أسلوب التفعيل الذي يمكن وصفه نوع من (الدبج العامي ) .
خذ مثالاً على ( الدبج ) : يرى أحد المسؤولين أهمية المختبرات المحوسبة ثم تتوجه الجهود و الأموال إلى الزج بكميات من الأدوات و الأجهزة إلى المدارس ليتم تفعيلها !! والنتيجة هي بقاء ما تم إرساله في صناديقها في مستودع المختبر .
ثم وجد المسؤول أن الدبج الأول غير مناسب لينتقل الى الدبج رقم ( 2 ) وهي إجبار المعلمين بل و المشرفين التربويين لحضور دورات توضح طريقة استخدام هذه التقنية , ثم يعود المعلم إلى مدرسته بشهادة حضور دورة لكنه يكن في نفسه شعوراً بعدم الرضى لهذه الأعباء التي تتزايد عليه , و بالتالي قد لا تفتح كثير من صناديق تلك التقنية لتبقى في مكانها في مستودع المختبر .
إن المعلمين بوجه عام بحاجة إلى برنامج متكامل يضمن – بإذن الله – نجاح دمج التقنية بالتعليم , هذا البرنامج ينطلق من زرع القناعة في نفوس المعلمين بأهمية هذه التقنية وهذه القناعة لا يكفيها مقدمة في خمس دقائق يعرضها مدرب إنها تحتاج الى برنامج تتضافر فيه جهود جهة التربية و التعليم و جهة الإعلام من خلال عمل منسق يسير بخطة مرسومة ليحقق أهدافاً محددة .
كما أننا بحاجة إلى دراسة جادة لمعوقات التفعيل والتعامل معها بموضوعية . أتوقع أننا إذا فعلنا ذلك سنجد من يتفاعل معنا وهؤلاء المتفاعلين هم ورقة رابحة تضاف لزيادة وقود الدافعية من خلال إبراز جهودهم و تمييزهم عن غيرهم معنويا و ماديا .
لقد آلمتني عبارة سمعتها من أحد مشرفي التقنيات وهو يعلق على شكوى المعلمين من الأربع و العشرين حصة فيقول ( اللي يعجبه كذا وإلا يمشي الوزارة ما أجبرتكم على التدريس ) . فإذا كان المشرف يطرح مثل هذا الطرح فما عسى أن يقدم المعلمون؟
إنني أدعو الى دراسة متكاملة واقعية عن دمج التقنية في التعليم لمدارسنا , كما أدعو الى تطبيق متكامل واقعي حتى نحقق الدبج بالمعنى الفصيح .. و بالله التوفيق .