ساعات معدودات تفصلنا عن اختبارات الفصل الدراسي الأول، ثم أيام معلومات تلقي الاختبارات فيها بظلالها على نمط وأسلوب الحياة اليومية للناس، فهي من الفترات العصيبة المشحونة بالقلق والتوتر للطالب، والتي قد يتوافق معها في بعض المحطات، وقد يصيبه سوء التوافق في أحيان أخرى في بعض محطاتها، لدرجة أنها أصبحت الشغل الشاغل لكثير من الطلاب والطالبات وأسرهم، والمؤسسات المشرفة على النظام التعليمي في المجتمع، بل وحتى للأجهزة الأمنية في الدولة رعاها الله وحفظها من كل سوء ومكروه، فقد غدت درجات الطلبة ونتائجهم في الاختبارات هي الهدف الأساسي لتحديد المستقبل العلمي والوظيفي لأبنائنا من الجنسين، ولتقويم العملية التعليمية في تلك المؤسسات المشرفة عليه، حتى جعلت الأمر يبدو وكأن مستقبل وسعادة ورفاهية الأجيال تعتمد بطريقة مباشرة على الدرجات التي يحصلون عليها، كما أصبح موضوع تحصيل الطالب والطالبة وما يتأثر به ويؤثر فيه من متغيرات هي محل اهتمام ودراسة كثير من الباحثين والمهتمين في مجال علم النفس والتربية.
حيث يرون أن شعور الطلبة بدرجة من القلق المعتدل أو الطبيعي قد تدفعهم نحو الاستذكار والاجتهاد والتعلم والتحصيل الأكاديمي، وهو ما يسمى "بالقلق الدافع أو المحمود"، بينما القلق الزائد أو المذموم فقد يؤدي إلى حالة من الفقدان المعرفي "المعلوماتي"، فيما يؤدي انعدام القلق "اللامبالاة" إلى ضآلة في الأداء والإنجاز الأكاديمي لديهم، فقد أكدت الدراسات أن قلق الاختبارات يشكل طاقة شعورية ولا شعورية محفزة للأداء المعرفي الذي يتيح تشكيل بصيرة الطالب وأهدافه، أو قد يكون عائقاً للعملية المعرفية الأكاديمية في ضوء حدته ومستوياته, وقد يكون قلق الاختبار في بعض الأحيان شكلاً من أشكال الاضطرابات، وعاملاً هاماً من بين العوامل المعيقة للتحصيل الأكاديمي بين الطلبة في مختلف مستوياتهم الدراسية.
ويمكن تعريفه بأنه: حالة انفعالية نفسية تحدث نتيجة إدراك غير متزن أو غير ناضج من الطالب لهذا الموقف، ونظرته للاختبارات على أنها مواقف تهديد له، وهذا خلاف ما يكون عليه الشخص أثناء الاختبار نفسه من توتر وقلق، كما أنه قد يكون ناتجاً عن رغبة قوية لتحقيق الذات، وفي كثير من الأحيان تكون هذه الرغبة مرضية بمعنى أنها نتاج قصور في الشخصية.
إن الشعور بأن الاختبار موقف صعب يتحدى إمكانات وقدرات الشخص وأنه غير قادر على اجتيازه أو مواجهته، يتسبب في حالة من عدم الاتزان أو ما يسمى "قلق الاختبار، والواقع أن الكثير من الدراسات قد أشارت إلى هذا الأثر السلبي للاختبارات، والذي يبدو في صورة زملة من الأعراض ومنها ما يلي: (الانفعال أو التهيج، مشاكل النوم، الصداع، نقص الشهية)، بل ويمكن أن يتطور ويؤدي إلى مشاكل جسدية ونفسية، مثل: (جفاف الفم، قرقعة في المعدة، التعرُّق، ضيق في التنفس، الكآبة).
كما توجد بعض العوامل المساعدة على ظهور أعراض قلق الاختبار:
• كالشخصية القلقة.
• عدم استعداد الطالب للاختبار.
• الأفكار والتصورات الخاطئة عن الاختبار وما يترتب عليها من نتائج.
• طريقة الاختبارات وإجراءاتها ونظمها، وربطها بأساليب تبعث على الرهبة والخوف.
• أهمية التفوق الدراسي لدى بعض الطلاب، وخاصة لذوي الحساسية المفرطة منهم، بالإضافة إلى ضغط الأسرة الزائد على الطالب لتحقيق ذلك.
• استخدامها كوسيلة للعقاب في بعض الأحيان من قبل بعض المعلمين.
وحتى يتعامل الطالب بأسلوب صحيح مع قلق الاختبارات ننصح بما يلي:
• أن يهيئ نفسه قبل الاختبارات على خوض تجربة الاختبار والشعور بأجوائه.
• أن ينوع في أنشطة اليوم فلا يجعل اليوم بأكمله في المذاكرة.
• أن يقوم بتنمية عادات استذكار جيدة.
• أن يتخلص من الأفكار والتصورات الخاطئة والسلبية عن اختبارات.
• عند الانتهاء من اختبار مادة ما، أعطى لنفسك فرصة للترفيه والراحة قبل البدء في المادة الجديدة.
• إذا شعر ببعض القلق والتوتر أثناء وجودة في قاعة الاختبار يقوم بفرد يديه وقدميه إلى الأمام لمدة ثلاث دقائق مع التنفس بعمق فهذا سوف يشعره بالاسترخاء مع استرجاع الأفكار الايجابية.
مع خالص الدعاء لأبنائنا الطلبة بالتوفيق والتفوق في اختبارات الفصل الدراسي الأول.
الدكتور/ محمد بن أحمد زغيبي
جامعة تبوك