صاحب قرار .. أم .. صانع قرار؟
القادة ..
هم من يغيرون اتجاه البوصلة، هم من يقودون التغيير، وليس من يعملون على التغيير.
لعلها شعرة دقيقة تُفَرّق بين المصطلحات.
نريد التغيير، نريد التحسين والتطوير، نريد أن نكون، من أجل ألاّ نكون.
إن كل ذي حسّ دينيّ ووطني وأخلاقي، يتطلع إلى ولادة قرار من قائد حكيم فطن، يقود ذلك القرار إلى تربية عظيمة، وتوازن فكري حميد، وانتماء وطني منقطع النظير، وتنمية خلاقة، وخُطى وثّابة لمستقبل مشرق.
أعني بالقائد كل من يقود فريق، ويشاركه في مهامه، ويحمل معه همومه، ويتخذ القرار المناسب، في الوقت المناسب، للارتقاء بالعمل والفريق، ويحقق الأهداف والمصالح للجانبين.
ترى .. هل من أعنيه: صاحب قرار .. أم .. صانع قرار؟
عادة نتحدث عن القرار، ونسعد عندما يتجه ذلك القرار لتلبية متطلباتنا ويلامس حاجاتنا.
إن القرار عادة يكون صادرا من شخص واحد، نسميه قائدا، تكون رتبته حسب الموقع الوظيفي الذي يشغله، أو مدى المسؤولية التي يحملها، بدءً برب الأسرة وانتهاءً بما شئت من القيادات العليا، على المستوى الوظيفي، والمجتمعي، والأسري .. وغيره.
ولكن .. كيف يتم تكوين ذلك القرار؟
.. هل هو ناشئ من فكر قائد؟
.. أم ناشئ من أفكار فريق؟
أرى فرقا كبيرا بين القرار أحادي المصدر، والقرار الصادر من شركاء التنفيذ.
فأيهما أجود؟ وأيهما أجدى؟
لعل القرار أحادي المصدر للقائد يكون مناسبا للفريق عندما يلامس حاجاتهم ويحقق تطلعاتهم ويوافق رغباتهم، ولكنه إذا اصطدم مع شئ من ذلك، فإنه سيواجه مقاومة من فريق العمل، وسيؤدي إلى نتائج لا تحقق الأهداف.
ولعل القرار الصادر من شركاء القائد في التنفيذ أنسب، لأن كل عضو في الفريق، أو فرد في الأسرة، طرح رأيه وأسهم في صياغة القرار، حتى أصبح شريكا في المسؤولية التي تلزمه بتوخي الدقة والحذر أثناء التنفيذ، لضمان سلامة القرار وكفاءته ليحقق الأهداف والتطلعات.
مما يؤدي إلى نجاح الفريق كاملا، ويشعره بالفخر ونشوة النجاح والإنجاز.
وبهذا قد تتحقق أهداف العمل وأهداف الفريق.
هنا .. أعود وأسأل ..
هل نتخذ القرار أم نصنعه؟
وما الأجود .. اتخاذه أم صناعته؟
وما العلاقة بينهما؟
لضمان سلامة المسيرة، وتحقيق الأهداف، والرفع من مستوى تحمل المسؤولية، والحد من المتابعة والرقابة عند التنفيذ، علينا أن نصنع قرارا يكون شركاء التفيذ هم مصدره.
فكيف يصنع القرار؟
هل هو نتيجة لمشكلة؟ أم عصف ذهني لموضوع ما؟ أم رؤية قائد يريد تحقيقها؟ أم مقترح لعضو أو أعضاء في الفريق؟ أم ماذا؟
حقيقة .. قد يكون كل ذلك.
إذن .. نحن صنعنا قرارا كان مصدره أعضاء فريق العمل، أو شركاء التنفيذ -وإن كان مبنيا على رؤية قائد-.
لكنه يعلن من قبل القائد .. وهنا هو صاحب القرار.
لعل العلاقة اتضحت عندما صنع القائد قرارا ثم اتخذه.
لكن يجب ألا نغفل عن الذكاء القيادي الذي يوصل صاحبه إلى تلك الحرفية والمهنية العالية. -وقَليلٌ مَاهُم !!
أعني القادة الذين يوجدون المساحات الكافية لفرق العمل لتعمل وتبدع وتتألق. وبدورهم يستثمرون عقول أولٰئك الأفراد.
كيف لا .. والله جل وعلا يقول: (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون).
ويقول: (فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر..) الآية.
جُلّ القادة الذين يعملون اليوم يتخذون القرار أحادي الجانب، الذي يتخذه القائد عادة لتحقيق رؤيته في مصلحة العمل، دونما مشورة أو رأي لشركاء التنفيذ فيه.
لذلك نلاحظ غالبا ضبابية الأهداف، وتدني مستوى تحمل المسؤولية لدى الأفراد -شركاء التنفيذ-، يسند الفشل أو الضعف -إن حدث- غالبا للقائد، عدم فاعلية الأفراد في التقييم الأثنائي والذاتي، عدم استثمار فرص التحسين بشكل فاعل...إلخ.
طموح .. أود أن أحترف صناعة القرار، لأتخذه.
فلعلي أستطيع تحقيق الأهداف والتطلعات.
ترى..
هل وطننا الغالي يحتاج لأن يكون القادة اليوم صانعي قرار؟
هل ستتحقق رؤية الوطن 2030 عندما يكون القادة كذلك؟
آمل أن يجد القادة سبيلا لذلك!.
الكاتب: ثابت بن عبدالله الشريف