يُجمع التربويون على أن المُعلم يُـمثل حجـر الزاوية في العملية التربوية والتعليمية ، فيما أوصى لويس رودلف وهو عالم سويسري ولد عام 1807م بألاّ يُـكـتـب على قـبره أي شيء سوى كلمة مُعلم ، وفي كتاب الله العزيز والسنة المطهرة واللذان يسبقان هذا كله بالكاد ما يُـبـين شرف وفضل ومكانة معلمي الناس الخير والذي يكفينا منهما كمنهج حياة متكامل وثابت وصالح لكل زمان ومكان قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى والذي أرسل إلى الناس كافة ( إنما بُعثت مُـعلماً ) فمهنة التعليم شرف ورسالة مقدسة ومسؤولية عظيمة ، وهذا ما أكد عليه ابن القيم الجوزية يرحمه الله بقوله : من يقوم بدور المُعلم فقد تنصب أمراً عظيماً . وهو ما يدل دلالة قاطعة على مدى أهمية المُعلم لأي أمة أو مجتمع يتطلع إلى السمو وآفاق العلم والتقدم الحضاري مقارنة بالمهن والاعمال الأخرى التي يقوم بها الانسان في مختلف مجالات الحياة ، والمُعلم في أبسط تعريف له كما ورد في المعاجم اللغوية هو من يقوم بممارسة إحدى المهن استقلالاً . أو ذلك الشخص الكثير الدروس والتلاوة في الكـتاب . أما في المصطلح التربوي فهو ذلك الشخص الذي تم تأهيله علمياً وتربوياً لتعليم وتربية الأبناء بالمرحلة الابتدائية في حين يـُـطلق عليه مُسمى مُدرس لما بعد هذه المرحلة ، واستاذاً بالمرحلة الجامعية ، وجميعهم يتقاسمون في الحقيقة هذه المهمة التربوية والتعليمية عوضاً عن إمكانية قيام أحدهم مقام الآخر إذا ما أخذنا في الاعتبار أن العملية التعليمية ولكي تحقق أهدافها المرجوة لابد وأن تتم في اطار من التفاعل بين هؤلاء الأطراف وطلبتهم من خلال المناقشة والحوار والعصف الذهني وكل ما يساهم في تنمية التفكير الخلاق والـمُـبدع كالمسائل الرياضية والنشاطات العلمية وإقامة التجارب وما شابه ذلك ، فبناء الإنسان الصالح والسوي والـمُـفـكـر والقادر على التأمل والنظر والتمييز والخوض في معترك الحياة وما تستدعيه من فهم حقيقي وتدبر ومواكبة لكل جديد وتطور ومواجهة وتصدي لما يجري فيها من متغيرات فكرية وعقائدية هدامه وغيرها من الارهاصات والتحديات العصرية وما تفرضه العولمة بمختلف دلالاتها وأبعاده ، وهو ما يهمنا في هذا المقام أضحى اليوم بالغ الأهمية لأجل تخريج جيل واعي ومدرك ومتسلح بالعلم والإيمان والأخلاق السامية ليساهم بذلك في خدمة وتطوير مجتمعه وبناء وتقدم وطنه في كافة المجالات ، وهذا ما يتطلب في واقع الامر إلى معلمين أكفاء تتوافر فيهم النية الصادقة والأمانة والإخلاص والمثابرة والتضحية والصبر وتحمل المسؤولية بالإضافة للقدوة الحسنة لأبنائهم الطلاب ومحبتهم لرسالتهم التربوية وتمكنهم في تخصصهم العلمي وحرصهم الدائم على الاطلاع على كل ما يستجد عليه وامتلاكهم لأكبر قدر من المهارات الفنية والتدريسية التي تساعدهم على القيام بدورهم التربوي والتعليمي خير قيام من تخطيط وتنظيم ، وتحضير للدروس وتشويق الطلاب لتلقي الدروس وتحريك دافعيتهم وتحفيزهم لاكتساب المعارف والخبرات اللازمة لهم عوضاً عن منحهم الحرية الكافية للتعبير عما يجيش في صدورهم والادلاء بآرائهم وعرض أفكارهم والاستماع لوجهات نظرهم وتشجيعهم على كل بادرة إيجابية يقومون بها فضلا عن تقويم تحصيلهم العلمي بصورة دقيقة وموضوعية ومقدرته على التعبير والتحليل والنقد الهادف والبناء واكتشاف المواهب لدى الطلاب وتنميتها .
وللـمـوضـوع بـقـيـة فـــي عـدد لاحــق بـمـشـيـئـة الله تـعـالى
عبد الفتاح بن أحمد االريس
كاتب صحفي ومؤلف وباحث في المجال التربوي
عبد الفتاح بن أحمد االريس كاتب صحفي ومؤلف وباحث في المجال التربوي

( الـمُعـلـم والـتـحـديات الـمعاصرة والـمستـقـبـلية ) (1-2)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/241262/