فاطمة فتاة سعودية سافرت إلى الابتعاث في إحدى الدول الأوربية بصحبة زوجها وطفليها سارة وناصر وظلت عدة سنوات هناك لإكمال وانهاء تحصيلها العلمي . وبعد معاناة في الغربة عادت للوطن حاملة معها درجة علمية رفيعة. وسرعان ما عادت الحياة إلى نمطها المعتاد ,ولكن الحال تغير حينما واجهت عائلة فاطمة مشكلة لم تكن في الحسبان, بل كانت في حسبانهم وظنوا أنهم حلوها قبل أن تعطى الفرصة لتتفاقم إذ واجه أبناؤها مشاكل في الانتظام الدراسي والتحصيل العلمي المثمر , رغم أن فاطمة في الغربة ألحقت ابناءها بدروس خاصة في القرآن واللغة العربية لأن تعليمهم كان في المدارس الحكومية لبلد الابتعاث وسكنهم بعيد عن أي مراكز لتعليم الجالية العربية. ومن منطلق حرصها على أن يظلوا أبناؤها ثنائي اللغة أرادت أن يلتحقوا بمدارس ثنائية اللغة في الوطن ولكن لم تتمكن لغلاء أسعارها واضطرت للعودة للتعليم الحكومي الذي لم يطور منهجه التعليمي ويستوعب حالات مثل أبناءها. قصة فاطمة ومعاناة أبناءها مثلها كثير خصوصا العائدين من برنامج الابتعاث الخارجي والأغلبية تمكن أبناؤهم بعد فترة من الانخراط في العملية التعليمية , لكن بعد إن اضطروا أن يضحوا بمكتسباتهم من التعلم بلغة أجنبية. ليست الصورة قاتمة دوما ولكن الجدل حول إدخال اللغة الإنجليزية في مناهج التعليم المبكر لتلاميذ التعليم الحكومي يظل قائما . فالمؤيدون يؤكدون فوائد عديدة لتعلم الإنجليزية مبكراً منها التعامل الجيد في التقنية الحديثة الابتدائي،وتلبية احتاجات سوق العمل وتقوية المناهج في المراحل الأخرى. والمعروف أن مادة اللغة الإنجليزية هي اللغة الأجنبية الوحيدة المقررة في مناهج التعليم العام في المرحلتين المتوسطة والثانوية ومؤخرا تم ادخالها المرحلة الابتدائية بدأ من الصف الرابع بمعدل حصتين في الاسبوع. وفي دراسة استطلاعية أجراهاد. "حميد الرشيد".. من كلية التربية بجامعة الكويت تحت عنوان (تعليم اللغة الأجنبية بالمرحلةالابتدائية...الايجابيات والسلبيات (يمكن ايجاز الايجابيات كما استخلصتها الدراسة حول أثر تعليم اللغات في المرحلة الابتدائية، على النحو التالي:تعليم اللغات الأجنبية لا يضعف من تحصيلهم في اللغة العربية ولا يؤدي إلى اكسابهم العادات والتقاليد التي لا تتفق مع قيمنا أو يبعدهم عن ثقافتهم العربيةكما أنه لا يسبب مشكلة اغتراب الشباب أو يثير مشكلات التفاعل بين أفراد المجتمع بل يتفق ومبدآ تكافؤ الفرص التعليمية الذي تتبناه الدولة. ويتيح للمتعلمين فرصا أفضل للالتحاق بالكليات دون غيرهم وفرصا أكبر للعمل في الوظائف دون غيرهم مما يجعلهم في المستقبل أكثر قدرة على التعلم، واستيعاب ثقافة العصر والتعامل مع وسائله وقضاياه بكل سهولة.هناك إجماع على أن يكون في الدولة نوع واحد من أنواع التعليم تشرف عليه الدولة، وبالطبع يفضلونالابتدائي،يم الأهلي.نسبة كبيرة (تبلغ نصف عدد أفراد العينة) تفضل بداية تعلم اللغة الأجنبية ابتداء من الصف الأول الابتدائي، والبعض يفضل البداية من الصف الثالث أو الرابع.وتقدم الدراسة بعض التوصيات التي قد تفيد في تحسين العملية التربوية في المرحلة الابتدائية عامة وتعلم اللغات الأجنبية خاصة على النحو التالي:ضرورة مراجعة بداية تعلم اللغة الإنجليزية في التعليم الابتدائي، بناء على دراسة تجريبية، متعمقة تحدد البداية الصحيحة لتعلم اللغة الأجنبية. (وتقترح الصف الدراسي الرابع، بحيث يكون التلميذ قد نضج واستوعب لغته العربية، ويستطيع أن يتعلم لغة أجنبية ثانية. وكذلك بحث تأثير تعلم اللغات الأجنبية في المراحل الأولى على اللغة العربية, ونبهت إلى عدم التفكير في تعميم تدريس الرياضيات، والعلوم باللغة الإنجليزية وإعادة النظر في تجربة مثل هذه المدارس حيث إن هناك دراسات أثبتت آثارها السلبية في تحصيل التلاميذ.وعند مناقشة أراء المعارضين للتبكير في إدخال اللغة الانجليزية للتعليم نجدها تتمحور حول نقطة إضعاف العربية وتمييع لثقافتها وقد ننتهي إلى التضحية بها وهي كينونتنا ولغة ديننا وحضارتنا وتواصلنا وذلك في سبيل تطوير لغة أجنبية! ولكن يمكن تلافي ذلك بتقوية مناهج تدريس اللغة العربية ونصوصها وتوعية النشء والاسرة بواجبنا تجاه لغتنا التي تمثل هويتنا ودعمها لتصمد أمام العولمة .وبذلك يتحقق نجاح تعليم اللغة الأجنبية دون الإضرار بالعربية.
صحيفة التعليم
اللغة الانجليزية ضرورة … أم رفاهية… في مراحل التعليم المبكر؟
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/240511/
المحتوى السابق المحتوى التالي
أضف تعليقاً إلغاء الرد
This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.
2 pings