يشار إلى اتجاهات معاصرة نحو المناهج - بناءً وتنظيماً وتطويراً وتطبيقات ، ومنها الاتجاه (الأكاديمي) المعرفي (Knowledge approach) وهو الأكثر شيوعا والأقدم تطبيقا ويركز على تحصيل المعلومات والحقائق كماً ويستخدم في تدريسه الطرق التقليدية كاللقاء والمحاضرة ، ويقاس التحصيل بمقدار ما حصل عليه الدارس من معلومات وحقائق تقاس من خلال اختبار تحصيلي يغلب عليه طابع الاختبارات المقالية (اكتب ما تعرف ...اشرح بالتفصيل ... عدد ...) وتبع ذلك النهج الكثير من المظاهر المصاحبة كحجم الفصل الكبير من حيث عدد الدارسين وكذلك تصنيف المواد الى اجتماعيات وعلوم طبيعية ولغة ودراسات دينية وتصنيف التعليم العام الى مراحل ومستويات...
ومن الاتجاهات المعاصرة أيضا الاتجاه الإنساني (Humanistic approach) والذي يتميز بالحرص على توفير أكبر قدر من فرص التعليم والتعلم مع حرية الاختيار بما يتوافق مع الخصائص الفردية للدارس، وهو نهج مكلف ماديا ويتطلب بيئة خاصة وإمكانات عالية ...
ومنها الاتجاه التكنولوجي (Technology approach) والذي يركز على تنظيم المادة بما يضمن اتقان محتواها ومن أشهر تطبيقاته التعليم المبرمج programmed instruction)) وهو أسلوب تنظيم للمادة التعليمية أكثر منه محتوى ...
ومنها الاتجاه الاجتماعي (The social approach) بطرفية البنائي والعام حيث يهتم بحاجات المجتمع واعداد الفرد ليكون مؤثرا متفاعلا وفاعلا مع مجتمعه ...
أما الاتجاه العقلي Cognitive approach) ) وهو بقدم واصالة (الأكاديمي) المعرفي تاريخاً ويكون مبني على أساس تنمية المهارات العقلية ومن أحدث تطبيقاته التعلم المبني على المخ (learning based on brain) ...
وقد ظهر هناك اجتهادات تطبيقية او ادخلت اليات معينة لتحسين أداء كل من السابق ، فهناك التعليم الخدمي والذي يغلب عليه الانتماء للتوجه الاجتماعي بنوعيه ، كما ظهرت التطبيقات التكنولوجية بما احدثه التطور في الحاسبات وفي التواصل التقني من إمكانات كبيرة وظفت في التعليم حتى اصبح هناك التعليم المباشر عن بعد والذي جعل بالإمكان حتى التفاعل المباشر بين المتعلمين وبينهم وبين المعلم عن بعد وهو ما يمكن تصنيفه على انه ذي طابع توجه تكنولوجي يستخدم التقنيات ولكنه يكيف المادة بما يتناسب ، في الوقت الذي يعطي فرص لتقديم مادة نوعية ، بينما يتميز التوجه العقلي بتطبيقات التعلم المبني على المخ ، ويتميز التعليم الإنساني بتطبيقات عرفت باسم نظام الوحدات الدراسية وما يعنيه ذلك من حرية الاختيار بين عدة خيارات ...
الان وقد أصبحنا في عصر التوالد المعرفي السريع جدا في زمنه المتنوع جدا في نوعه والكبير جدا جدا في حجمه، والذي هو في متناول الجميع بأقل التكاليف وأيسر الطرق واقوى الدعم فانه قد يكون من الضياع الاستمرار في الحديث عن التطبيقات المعاصرة التي لم تعد معاصرة ...
فالحاجة قائمة إلى شكل ونوع مختلف يكون مبني على أسس تستمد من طبيعة العصر وتطور الحضارة ويتمشى مع التغير الحادث بنفس المرونة والسرعة والقوة كحد أدني وإذا ما أردنا ضبط وتوجيه التغير فلا بد ان تكون أدوات المنهج اقوى وأسرع وأكثر مرونة والإمكانية فائقة ومسابقة الزمن فاليوم سيصبح أمسى والامس ماضي تولى وأصبح تاريخ ...
التعليم ومناهج التعليم في تحدي مع أهدافه بإجراءاته، والتعليم في سباق مع التغير الحضاري الانسان القوي الحادث فإما ان يسبقه فيقوده او يتمشى معه فيجاريه او ان يكون متخلفا عاجزا لا يقوى على شيء يجر خلفه جراً...
قد لا يكون مناسبا ان نركن الى اتجاه دون الاخر ، ولا اغفال أي توجه فالمنهج القائم على الاتجاه المعرفي لا زال وسيبقى مهما واساسيا مما يوجب الحرص على تحصيل وإتقان اكبر قدر ممكن من المعلومات والحقائق كما ونوعا ومعالجة متكئين على الدمج بين الاتجاه المعرفي والاتجاه التكنولوجي واعتبار ذلك هو العمود الفقري للمنهج المدرسي الذي يشترك فيه جميع الدارسين وهو الحد الأدنى المراد تحقيقه ، بينما الاتجاه الإنساني في ظل هذا التنوع البشري يخدم ويلبي الاختلافات الفردية ويحقق الحاجات والاهداف ويلبي الميول والاتجاهات من خلال توفير منهج مصاحب حر متنوع في مادته وطريقته ومستغلا لمصادر التعلم المتنوعة محققاً النمو الشامل المتوازن واكتساب المعرفة والخبرة اللازمة ، ولان المعرفة متطورة ومتوالدة وسريعة ومتطلبات الحياة المهارية كذلك فان اعداد فرد قادر على التعلم ويملك قدرات ومهارات تفكير عالية كفيل بمقابلة التغير المتسارع وما يمكن توظيفه من طرق وتنظيمات تساعد على اكساب الدارس مهارات تفكير عليا ، اما ما يمكن ان يوظف من مبادئ الاتجاه الاجتماعي فإننا امام مجتمعين مجتمع مؤثر في الدارس ومجتمع متأثر ، فالمجتمع المؤثر هو المجتمع العالمي الذي اصبح في متناول الجميع يؤثر فيهم متوفر على مدار الساعة بما يستوجب من دور للمدرسة في ضبط و توجيه التغير الحادث ، فيكون من مكونات منهجها استحضاره المجتمع الى داخل المدرسة نقدا وتوظيفا ، بينما فيما يتعلق بالمجتمع المتأثر والذي يعتمد على مخرجات التعليم في النمو والتطوير والمواكبة فتأتي مشاركة مؤسسات المجتمع الأخرى في التعليم والتدريب تحت اشراف وتنظيم المدرسة يحصل في ظله الدارس على خبرة مباشرة من بيئتها ومتخصصة باهلها ...
يبقى السؤال فاذا نحن وبمشيئة الله ضامنين للنتائج المتمثلة في الاتقان والجودة والتربية والنمو الشامل المتوازن والقدرة على التعلم الذاتي فانه يبقى التحدي المتمثل في إمكانية تطبيق ذلك بأقل التكاليف ومختصر الوقت والمرونة واقل الجهد مع الاقبال والرغبة من خلال ما يمكن تسميته مدرسة (منهج) الافاق الواسعة.