بغدادُ الأمسِ ودبي اليوم؛ نعم إنهما وجهانِ لعملةٍ واحدةٍ :عملةُ القراءةِ عملة المعرفةِ عملة العلم. عملة أحد أوجهها للأمس والآخر لليوم، الأمس الذي نُقشت روعة عُملته ببغداد عاصمة العلوم والمعارف، نَاقِشُها أميرُ الخلفاءِ، وأجلُ ملوكِ الدنيا -كما قيل عنه- هارون الرشيد؛ بتقديره للعلماء تارة وبتشجيعه على القراءة والترجمة تارة أخرى، ومن أجمل نقوشاته على عملة التقدم والحضارة؛ ما دعا إليه من تأليف الكتب ومكافأة المؤلف وزنه ذهبا.
ولا تزالُ هذه العملةِ تتنقلُ بين شخصياتٍ وأعلامٍ جعلوا من التقدمِ والرقي والحضارةِ همَّا وهدفا طرقوا له كلَ بابٍ، فها هي دبي الإمارات اليوم وهاهو هارونها؛ سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يطلُ على العالمِ العربي بمشروعِ عالمي في فكرته، فريدٌ في منهجِهِ، سامٍ في هدفه، مشروعٌ يتضحُ هدفُه ُومنهجه من عنوانه: "تحدي القراءة العربي 50 مليون كتاب في كل عام" والذي ما إن بدأ الإعلانُ عنه حتى تسابقَ أبناؤنا وبناتنا نحو أرففِ المكتباتِ العامةِ والمكتبات المنزلية والمكتبات التجارية بل وحتى المكتبات الالكترونية، منطلقينَ بعونِ الله تعالى نحو الرقي نحو الحضارةِ نحو التقدمِ نحو رفعةِ وطنهم العربي وأمتهم الإسلامية بالقراءةِ الواعية ِالناقدةِ بالقراءةِ الإبداعيةِ المنتجة، متخذينَ من التعلمِ الذاتي جناحا يحلقونَ به لتوسيعَ أفقَ تفكيرهم. وشاركهم النفيرُ آباءَ وأمهاتَ ومعلمينَ ومعلماتٍ يحملونَ همَ وهمة المربي؛ فكشفت هذه المسابقةُ عن عقولٍ عربيةٍ تواقةٌ للعلمِ صديقةٌ للكتابِ ،ستأخذُ بعونِ الله تعالى أوطانِهم وأمتهم إلى حيثُ مكانَها ومكانتَها التي لا تليقُ إلا بأمةِ إقرأ.