تنتشر بين الحين والآخر، و عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فديو لشاب أو مجموعة من الشباب في أوضاع غريبة ، أو أفعال شاذة ، أو تصرفات مشينة إما أنها تحمل تحدياً سافراً لأعرف المجتمع ، أوتُشير لفكراً خارجاً عنه ،وسلوكاً منبوذ فيه ، وتنبئ عن مستقبل مجهول لهم .
كان أخرها ماتم تداوله ومن خلال الصور ،ومقاطع الفيديو لشباب شبة عراة على كورنيش الدمام هم يتجولون بدراجات نارية ،ويلتقطون الصور ، ويتعمدون القيام بحركات خطرة تنمّ عن حالة من الاستهتار واللامبالاة.
كذلك انتشرت قصاصة ورق تركها أحدى الشباب بعد أن قاموا بالسطو على مدرسة بالطائف وسرقه بعض ممتلكاتها مكتوب عليها بالعامية ،وبلهجة لا تخلو من التهكم (لية ما وظفتونا؟ مع تحيات سارق مدرستكم ).
الان القاسم المشترك بين الحادثين هما الشباب ، والرابط بينها جراءة مذمومة ، والهدف منها إثبات ذات مفقودة .
والجملة التي كتبها الشاب بعد السرقة بخط اليد من المخاطب فيها ؟، إذ المؤكد ليس مديرة المدرسة المغلوبة على أمرها التي سرقت بعض عُهد مدرستها ، ولا الحارس المسكين الذي استغلت فترة غيابه بالقيام بعملية السرقة .
وبين الدهشة من غربة الحادثين! ، وطرفتهما في آن واحد ، والعجب من الطريقة التي تمت بها ! .
إلا أن المغزى ليس بالظاهر ،والمكتوم ليس هو المعلن ، والُمراد لم يتم الافصاح عنه .
مغزاها ليس في الرغبة في لفت الأنظار فحسب ،أو تمثيل دور المهرج بارع الأدوار ،أو حتى الحصول على المال . بدليل حصول الحادثة على مرأى الجميع وعدم الاكتراث بمن قد يقوم بالتصوير.
وترك دليل الإدانة رسالة مكتوبة بخط اليد وليس على الحاسب لإخفاء آثار الجريمة على أقل تقدير .
بمقابل ذلك وعلى جانب آخر من تلك التصرفات الطائشة تؤكد بيانات وزارة الداخلية على تصرفات أكثر طيشاً ، وأشد بطشاً،وأن اختلف مسارها عنها ، وأخذت جانب النقيض منها أذ تؤكد البيانات أن منفذي عمليات التفجير
في العامين الماضيين التي تشهدها مناطق ومحافظات المملكة من الانتحاريين هم من الفئة الذين تتراوح أعمارهم ما بين (19-28) عاماً حيث نجحت المنظمات الإرهابية في جذب هذه الفئة العمرية، وتجنيدها لصالحها لاعتناق الفكر الإرهابي.
وفي محاولة لإيجاد لغة الحوار المفقودة ،وتجميع الجهود المشتتة ، وردم الهوة المتسعة ، بين مجتمع يشكل فيه الشباب الأغلبية .
اتجهت مؤسسات الدولة لإحتواء الشباب وتبني البرامج والأنشطة التي تساهم في تعزيز الأمن الفكري لديهم ومن ذلك انطلقت مبادرة وزارة التربية والتعليم في تطبيق مشروع ( فطن) لطلبة التعليم العام ،والذي يحمل رؤية الريادة في البرامج الوقائية الفكرية والسلوكية لتعزيز المهارات الشخصية والاجتماعية الإيجابية بنهاية عام 1438 مساهمة في بناء المواطن الصالح الفَطِن .
ولا شك - أن تحقيق تلك الرؤية ليس بالأمر السهل خاصة في ظل وضع المعلم الحالي وكثافة الحصص ،وتعدد المهام ، والأنشطة المطلوبة منه ، فضلا ً على دافعية المعلم لتدريب على المشروع واستشعاره بدوره الوطني فكل تلك الأسباب قد تنطلق بالمشروع أو تعرقل مسيرته.
لذا كان من الواجب أن تتحمل رئاسة رعاية الشباب الدور الأكبر في استقطاب الشباب من خلال البرامج المقدمة ولا يقتصر دورها على التركيز على كرة القدم كذلك عليها ضرورة إعادة تعريف دورها
للمجتمع ،وإعادة مفهوم تنمية الشباب لتشمل ما هو أبعد من ممارسة كرة القدم أو تشجيعها،فخلال العقود الماضية تشكلت الصورة الذهنية وترسخت تطبيقيا لدى الافراد بأن الرئاسة العامة لرعاية الشباب هي مؤسسة لرعاية رياضة كرة القدم فقط.
وعندما نقول الشباب لا نعني أن الشباب هم الذكور فقط ،لذا فقد حان الوقت تغير تلك الصورة التي عفى عليها الزمن ، وأن تظهر فيها المرأة بشكل أقوى ، من خلال برامج تشمل الجنسين .
ونحن نتحدث عن مشروع فطن أليس من الأجدى أن تكون مؤسساتنا الوطنية أكثر فطنه في فهم الشباب ، واستغلال طاقاتهم ، وتحقيق رغباتهم .
أين فطنة وزارة العمل والخدمة المدنية؟ في إيجاد حل لمشكلة البطالة التي تفاقم أمرها ، وعظم شرها ، بتوفير فرص وظيفية للجميع تناسب امكانياتهم ،ومؤهلاتهم ، وقدراتهم .
فطنة حتى في السلطة الدينية والتي تمثل ( هيئة الآمر بالمعروف, والنهي عن المنكر ) أعلى مستوياتها في برامج جذابة ، في سلوك واعٍ ، وتصرف حضاري من قبل القائمين عليها- فلا شك - أن تناقل بعض السقطات الفادحة من بعض المنتسبين لها ساهم في زيادة الفجوة بينهم وبين الشباب .
كل وزارة في بلادنا تحتاج لوزير فطن فأين فطنتك يا معالي الوزير؟
بقلم
أمل الحربي