نؤمن تماماً بمدى أهمية التطوير المستمر الذي تقوم به وزرة التعليم في بلادنا من حين لآخر، ونقدر لها في ذات الوقت كل ما تبذله من جهود ومساعي حثيثة من أجل الارتقاء بالعملية التربوية والتعليمية إلى المستوى الذي ينشده مجتمعنا وفق ما تقتضيه الحياة من متغيرات وتحديات وتطور يواكب العصر وتقدم الشعوب غير أن هناك من بعض التوجهات التي تعمد الوزارة لتطبيقها في تعليمنا من منظور كونها الأفضل أو أتت بها من دول أخرى متقدمة في هذا المجال قد لا تكون مناسبة لدينا في وقت من الأوقات أو أن مدارسنا غير مهيأة لتطبيقها مما ينشأ عن ذلك في الغالب الأعم قصور أو خلل كما حدث ذلك عند تطبيق الوزارة لتجربة التعليم المطور في بعض مدارسنا الثانوية عام 1406هـ ، ولعلنا لا نجانب الصواب حينما نقول ضمن هذا السياق بأن تطبيق مصطلح قائد مدرسة بدلاً من مدير مدرسة في العام المنصرم يُعد قراراً سابق لأوانه إذا ما اخذنا في الاعتبار بأن القائد يتسم بصفات معينة قد لا تتوافر في المدير ومن ذلك : مقدرته على التأثير والتغيير في أنماط سلوك العاملين ودفعهم لمزيد من العطاء والإنتاج في اطار من الالفة والرضا والانسجام والتعاون ومقدرته أيضاً على التخطيط والتنظيم والتطوير واتخاذ القرار في الوقت المناسب فضلا عن مقدرته في تطويع البيئة المحيطة لأجل ضمان سير العمل التربوي بكل يسر وسهولة مستمداً بذلك سلطته من مكانته بين العاملين ومن أيضاً سلطته غير الرسمية ، بينما لا يتوفر مثل ذلك لدى مدير المدرسة في اغلب الأحوال والذي دائماً ما يهتم بالحاضر وبالمشكلات الآنية والمحافظة على الوضع القائم وتسيير الامور بمدرسته بما هو كائن بناءً على اللوائح والأنظمة والتوجيهات التي يستمد منها سلطته ولا يحيد عنها البتة خوفاً من المسائلة ، فإذا ما طبقنا هذا المفهوم الإداري على مدراء مدارسنا اليوم فنكاد نجزم بأن كثير منهم يميل إلى النمط الإداري وليس القيادي ، ونحن هنا لا نبخسهم حقهم أو نقلل من شأنهم ، وإنما نقول ذلك من منطلق ما نسمعه ويؤكده لنا بعض الزملاء السابقين في مجال الإشراف التربوي من خلال الالتقاء بهم في بعض المناسبات ناهيكم عن أن أغلب هؤلاء القياديين والذين على الرغم من امتلاكهم لصلاحيات كثيرة للغاية قد أعطيت لهم مؤخراً غير أنهم مع هذا ليس بمقدور الكثير منهم تنفيذ بعض الأمور أو بعض البرامج التربوية إلا بالرجوع إلى جهة الاختصاص في إداراتهم العليا أو استئذان المشرف المتابع ،فعندما سقط المطر في بعض مناطق المملكة قبل اشهر على سبيل المثال لم يكن باستطاعة معظمهم صرف الطلاب على الرغم من أن هذا المطر كان خفيفاً في بدايته ، فلو كانوا بالفعل قادة لتجاوزوا مثل هذه الإشكالية وما يماثلها من ظروف طارئة او يخدم مصلحة العمل دون الرجوع للإدارة العامة أو المشرف المتابع . من جهة أخرى دعونا نتساءل : هل جميع قيادي المدارس على امتداد بلادنا الشاسعة تتوافر فيهم الصفات التي ذكرناها سابقاً ؟ مع الأخذ في الاعتبار تنوع المراحل الدراسية وينسحب ذلك على تعليم البنات ، وهل تمت أيضاً تهيئتهم لهذا المنصب من خلال الحاقهم بدورات خاصة تمكنهم من القيام بهذا الدور بكفاءة عالية ؟ علما بأن هناك من بعض القياديين من هم حديثو العهد بهذه الرسالة التربوية أو بمعنى آخر رُشحوا لهذا المنصب دون أن يشغلوا على الأقل عمل وكيل مدرسة لأجل أن تتكون لديهم الخبرة الإدارية الكافية التي تساعدهم على القيام بهذا الدور القيادي ، وفي نفس الوقت لماذا طـُبق هذا المسمى على القائمين بإدارة المدارس دون غيرهم من مديري التعليم بالمناطق علماً بأنهم الأولى بهذه الأحقية ، وذلك لما يمثلونه من مرجعية للتعليم بمناطقهم فضلا عن حجم المسؤولية الملقاه على عاتقهم وامتلاكهم لصلاحيات شاملة لكافة جوانب عملهم تخول لهم القيام بكل ما يحقق الأهداف التربوية والتعليمية بمناطقهم ، ولعلنا نخلص بالقول : بأن القيادة مسؤولية عظيمة وأنها من أهم الجوانب الانسانية التي تحتاج إلى وعي وادراك وتبصر وجلد وإلمام كافٍ بفنونها واساليبها المختلفة كما وأن القائد وبحسب ما اجمع عليه المفكرين والمهتمين بعلم الإدارة يمكن أن يكون إداري ، ولكن في الوقت ذاته ليس بالضرورة أن يكون كل إداري قائد وبالتالي فإن مديري التعليم وفق هذا المتغيير نحسبهم في وضع أقل بينما العكس هو الصحيح إذا ما أخذ في الاعتبار التسلسل الهرمي في الهيكل التنظيمي حيث أنه من غير المستساغ أن نقول مثلا اجتمع مدير التعليم بقائدي المدارس أو حضر قيادي المدارس اجتماعاً برئاسة مدير التعليم لمناقشة قضية ما . هذا ما وددنا ايضاحه من باب المصلحة العامة ، والله من وراء القصد . بقلم الباحث التربوي / عبد الفتاح احمد الريس
قرار مسمى قائد مدرسة سابق لأوانه
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/228944/