مهنتي هي من أجد فيها متعتي وبها تسمو روحي، فبمجرد وصول سيارتي لباب المدرسة تبدأ الحكايات الصغيرة فذاك حارسا للمدرسة كبير في السن غالبا حاضرا من بعد صلاة الفجر ليفتح البوابة ويظل مراقبا للداخل والخارج بكل أمانة وفراسة معهودة لديه وذاك أب كبير في السن أتى من مسافات بعيدة يحمل حقيبة صغيرته ليوصلها لباب المدرسة ثم يربت على كتفها ويدعو لها مبتسما لتنطلق كالفراشة الحالمة داخلة مدرستها ، وأباء وأبناء يأتون في سياراتهم ومعلمات تركن منازلهن وأتين يحملن معهن مشاعل العلم وقيم الدين حكايات يومية وحركة دائبة كخلية نحل أمام بوابة كل مدرسة أراقبها عند دخولي تثير شجوني وتزيدني فخرا بمهنتي أدخل المدرسة لأرى طالباتي النجيبات متحلقات لمراجعة اختبار مادة ما وأخرى تسير في الفناء ممسكة بأوراقها لتتدرب على ما ستلقيه في الإذاعة الصباحية وأخرى تتبادل أطراف الحديث مع صديقتها. أدخل لأوقع في ذلك الدفتر الذي يسابقنا بخطه الأحمر ونسبقه كثيرا ثم أسير إلى مكتبي وعندما يدق الجرس تصطف الطوابير لتبدأ الإذاعة الصباحية تشدنا التلاوات العطرة ثم تنافس الطالبات في الإلقاء والإنشاد ومعها أسرح بخيالي أمامي مئات الطالبات في كل عام كنوز ثمينة مواهب مدفونة يا إلهي ماذا أعطي وماذا أترك ؟ مهنة الأنبياء، رسالة التوحيد أمانة ، وطن يحتاج أبنائه ، بيئات وقدرات عقلية مختلفة . مهنتي ليست علم فقط بل معها الثقافة والقيم وتطوير للذات ،مهارات تفكير ،غرسا للأمل بمستقبل مشرق .وفي نهاية العام أجدني أمام سؤال يتكرر علي كثيرا هل أعطيتي هذه الدفعة كل ما لديي ؟هل استطعت أن أترك أثر؟ هل تقبل مني ما قدمت ؟ ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا )أتمنى أن يمتد بنا العام الدراسي أكثر فمهنتي عظيمة وتربتها خصبة فأين المشمرون ؟ ولا يقطع حبل أفكاري إلا مع ترديد صغيراتي للنشيد الوطني حيث تعلو أصواتهن لنسير بعدها إلى متعة أخرى في مهنتي لا تقل عن سابقتها .