لم أكن لأتوانى أو انشغل بأي هم عن حضور مؤتمر تقويم التعليم الذي أقيم في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض ولو فعلت لانتقدني أصغر أبنائي وشكك في صدق توجهي وبسيط مبادئ ، فقد أعلنت مرارًا وتكرارًا أن إنشاء هيئة تحت هذا المسمى كان إنجازًا وعملًا عظيمًا في حق التربية والتعليم ، فنحن في حاجةٍ إلى أدوات تقويم وتشخيص لكل عمل نقوم به وكل تطوير لم يقم على دراسة سابقة تشخيصية واستطلاعيةٍ هو مجرد محاولة تطوير احتمال فشلها أكبر بكثير من نجاحها ...
أذكر أني اشتركت كطالب دراسات عليا مع الدكتور بيترسون في جامعة جنوب فلوريدا في تصميم استمارة تقويم يحكم بناءًا على تحليل بياناتها ما إذا كان المعلم مستحق لرخصة التدريس أم لا ، وكان من شروطها أن لا تتعدى صفحة لورقة بحجم A4 وقد رصد لإنجازها ستة ملايين دولار ونيف ، وكان رئيس فريق البحث هو الدكتور بيترسون وكان يوظف طلابه في أعمال ذات علاقة بالبحث ...
علمت عن هيئة تقويم قبل إعلانها بحوالي العامين وبشرت بها في كل حديث ولقاء مهما صغر أو كبر ، لذلك لا ولن أفوت حضور ذلك المؤتمر ...
كان موقع المؤتمر جميلًا مؤهلًا راقيًا وكان تنظيم المؤتمر رائعًا بكل المقاييس ، فقد استحضر كفاءات عربية وأجنبية بالإضافة إلى السعوديين ...
قابلت زملاء وأساتذة لم يكن من اليسير لقاءهم لو لم يكن هذا المؤتمر ...
ورأيت حدثًا لم أعهده وهو مشاركة العنصر النسائي كحضور وكمحاضرات وكان من بينهم تلك الكندية الرائعة فكرًا وتنظيمًا (ساتيا برنك ) والتي أطفأت نوعًا مما عندي من لهفة لاستعادة أيام الفصل والأستاذ والطالب ...
كانت فعاليات المؤتمر متنوعة فيها ورش عمل وفيها ندوات وفيها محاضرات عن تجارب عالمية ، وكان من ضمن الفعاليات معرض مصاحب يعرض تجارب خاصة ببعض إدارات التعليم ...
كل شيء كان جميل ورائع ومثير ...
لكن أصدقكم القول بأنه قد انتابني خوف من علة قد تصيب وليد التعليم ومحرك التطوير المنتظر ، فقد رأيت تركيزًا على النتيجة قبل الإجراء ، لقد رأيت اهتمام جميع المشاركين بالتطوير وهو مرحلة تالية لعملية التقويم بمعنى القياس والتشخيص ، فكما نعرف أن مصطلح تقويم يدل على التشخيص وإصدار حكم ما ، ويدل أيضًا على تقويم من تعديل فقوم الشيء إذا عدله ، ويأتي التفعيل كما هو السرد التقويم بمعنى التشخيص قبل التقويم بمعنى التعديل والإصلاح ، وكلا مكمل للثاني...
وقد كنا ننتظر من هيئة تقويم التعليم أولًا وضع أدوات تقويم مقننة تساعد أطباء التعليم على وضع الوصفة التي يحتاجها سواءًا كانت وصفة علاجية أو بنائية ...
إلا أن التركيز كان على آلية وكيفية التطوير وهو ما لا يستقيم إن لم يسبقه تشخيص .
هناك مصدر خوف أكبر مما سبق فبحكم اطلاعي النابع من اهتمامي بمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم والذي أعلم أنه قد قطع شوطًا أساسيًا وربما رسمت بعض الاستراتيجيات والخطط الجاهزة للتنفيذ ، إلا أنه لا يوجد تنسيق بين هيئة تقويم التعليم وبين مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم ...أي أن هناك جهتان تعملان في ذات الوقت دون تنسيق بينهما للوصول إلى هدف واحد وكلا منهما يحتاج الأخر وكان الأمر يستوجب جهود تراكمية تكاملية أفقيًا ورأسيًا ، وإلا سيكون أحدهما معيق للأخر لا قدر الله ...فهل نرى دمج المشروعين مع بعضهما ليكون التقويم أساس التطوير ...يا رب .
نايف الحارثي

إقرأ المزيد
التقويم قبل التقويم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/219151/