مدرسة ليست مدرسة
سؤال يطرحه المختصون عن كيف يحدث التعليم وكيف يتم التعلم ، وكيف أنشئت المدرسة ، وربما يكون هذا السؤال قد شغلني فشغلت به طلابي منتقلا إلى السؤال عن أهداف كل مادة دراسية كما يراها معلمي تلك المادة كلا حسب تخصصه .
ومن غير العجب أن لا احظي بإجابة سليمة أو مقنعة ، مما جعلني في عجب كيف يكون معلم لا يدرك ولا يعرف الأهداف التي يعمل من اجلها .
للتدليل على حقي في العجب فان هناك شبه إجماع من طلاب تخصص الرياضيات يرون تدريسها في التعليم العام من الأولى ابتدائي وحتى نهاية المرحلة الثانوية إنما هو بهدف التعامل المالي في الحياة والحسابات الشخصية ، ولم يفكر من يجيب بمثل هذا أن شراء الحاجيات اليومية لا تستوجب ذلك الكم من المعادلات والقوانين المتقدمة وان من لم يسبق له دراسة نظريات ومعادلات يستطيع التعامل مع البقال بنجاح تام .
المتتبع لتاريخ التربية والتعليم يجد أن الكائن الحي يتعلم بطرق ثلاث ، الأولى عن طريق الفطرة فهو يتعلم الرضاعة والمشي ويعبر عن سروره بالضحك وعن ألمه بالبكاء ، وهي مهارات يجمع عليها الإنسان وان اختلفت لغته وثقافته ومكانه وزمانه ، كما يشترك في بعضها كائنات حية أخرى ومنها استدلال مولود الأنعام على مصدر وكيفية تناول غذائه بعد مولدة بلحظات وكذلك مشيه وحركته ، وهناك طيور تتفنن في بناء أعشاشها وحشرات يعجز عن تقليدها البشر ، أما الطريقة الثانية فهي التقليد لمن حوله ، وأخيرا عن طريق التعليم والتدريب المقصود ، وهذا هو هدف المدرسة كمؤسسة تربية وتعليم .
المدرسة لم تكن ضمن مؤسسات المجتمع البدائي فقد كان يقتصر التعليم والتربية على الفطرة والتقليد وعلى ما يجيده أفراد الأسرة من مهارات كالصيد والجمع ولإلتقاط والدفاع عن النفس بالإضافة إلى لغة التواصل .
إلا أن متطلبات الحياة زادت عن ذلك بسبب تطور المجتمع كما ونوعا فقامة الحاجة إلى من يقوم بذلك نيابة عن الأسرة محدودة الإمكانات فكانت نواة المدرسة من خلال مربي أو معلم واحد يعلم كل شيء ، وربما اقتصر التطور على علية القوم اجتماعيا واقتصاديا .
إلا أن الحاجة أصبحت عامة والتطور أصبح كبيرا على معلم واحد فكانت المدرسة ذات المقر والتعدد والإدارة والنظام والتي تطورت أيضا حتى أصبح لها نظريات وعلوم وفلسفات ...
قبل وقت قصير كان هم المدرسة هو الجانب الأكاديمي من خلال تزويد الدارس بأكبر كمية من المعلومات والحقائق ، حتى أن كان يوصف من يختزن كمية من المعلومات بالذكي والأذكى حتى لو كانت معلومات وحقائق سرد تاريخي لما قبل ألاف السنين .
تغير الإنسان وتفجرت المعارف وتطور المجتمع وتنوعت المهارات المطلوبة ، ولم يعد لكل ذلك علاقة بما مضى ولا شبه بين الماضي الحاضر والمستقبل ، إلا أن المدرسة اليوم لا تختلف كثيرا عن المدرسة قبل خمسين عاما ، وبذلك لم تعد المدرسة مدرسة وأصبح المجتمع في حاجة إلى مدرسة ليست مدرسة ، بل مدرسة تواكب التطور الحادث في المجتمع بل وتسبق تطور المجتمع من اجل قيادة المجتمع نحو مستقبل مرغوب فيه ، مدرسة تضبط التغير وتوجهه نحو الأهداف المرجوة ، مدرسة أنموذج في المقال التالي إن شاء الله .
مدرسة ليست مدرسة
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/213184/
المحتوى السابق المحتوى التالي
أضف تعليقاً إلغاء الرد
This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.
4 pings