الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فإن هناك مرضاً خطيراً من مفسدات القلوب تعم المجتمعات الإسلامية الثرية والغنية بالذات وهذا المرض يستشري وتحدث له مظاهر كثيرة وينتشر باستمرار ونسمع ونتعجب ووجدت آثاره في نفوس الناس وفي تصرفاتهم ،إنه داء يعصف بالأسر والمجتمعات وسبب رئيس لفساد القلب بل إنه سبب لسقوط المجتمعات وانهيارها ، إنه سبب لانغماس النفس في الدنيا وغفلتها عن الآخرة ، إنه الترف . هذا الترف قائم على الغنى ومبني عليه لكنه ليس بلازم له
لقد ورد ذكر الترف في القرآن الكريم في ثمانية مواضع كلها في الذم والتحذير منه ، كما ورد عدد من الأحاديث يتحدث بعضها عن الترف جملة ، وتحذر من تعلق القلب به وبلاء الإنسان بالانغماس في متع الحياة وملذاتها . والبعض الآخر من هذه النصوص ينهى عن مظاهر الترف ويحث على تركه والانصراف عنه إلى ما هو خير في الدارين .
قال الله عز وجل في وصف الكفار : ) وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ) (هود:116) قال ابن جرير رحمه الله : إن الله تعالى أخبر أن الذين ظلموا أنفسهم من كل أمة سلفت فكفروا بالله اتبعوا ما أترفوا فيه من لذات الدنيا فاستكبروا وكفروا فاستكبروا عن أمر الله وصدوا عن سبيله وذلك أن المترف في كلام العرب هو المنعم الذي قد غذي باللذات .