الحج فريضة عظيمة ، وشعيرة فخيمة ، وزمان للغفران ، ومكان لدحر الشيطان ، يمحو الله لعباده صحائف السيئات ، فإذا بها صارت حسنات ، كرماً من الله وجوداً وإحساناً ، وتلطفاً منه جل جلاله وبراً وغفراناً ، فما أحرانا أن نتعرض لهذا الكرم العظيم ، ونرد البيت الحرام حيناً بعد حين ، عسى أن نكتب في السعداء الفائزين، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "أفضل الأعمال إيمان بالله ورسوله ، ثم جهاد في سبيل الله ، ثم حج مبرور".
هذه الأعمال الثلاثة ترجع في الحقيقة إلى عملين : أحدهما الإيمان بالله ورسوله ، وهو التصديق الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر – كما فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بذلك في سؤال جبريل له وفي غيره من الأحاديث – وقد ذكر الله ، تعالى ، الإيمان بهذه الأصول في مواضع كثيرة من كتابه كأول البقرة ووسطها وآخرها ، والعمل الثاني : الجهاد في سبيل الله تعالى ، وقد جمع الله بين هذين الأصلين في مواضع من كتابه كقوله تعالى : وفي قوله : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وإنما كان الحج والعمرة جهاداً لأنه يجهد المال والنفس والبدن كما قال أبو الشعثاء:نظرت في أعمال البر فإذا الصلاة تجهد البدن دون المال، والصيام كذلك، والحج يجهدهما فرأيته أفضل .