الإسلام دين الرحمة والتآلف والتعاضد بين أفراد المجتمع، يقول الله _سبحانه وتعالى_ في كتابه الكريم : (إنما المؤمنون إخوة)(الحجرات10)، ويقول الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم": (لا يرحمُ اللهُ مَنْ لا يرحم الناس"(متفق عليه). وإنَّ من أخص الناس حاجةً واستحقاقًا لهذه الرحمة في الإسلام اليتامى، والنساء الأرامل، ومَنْ لا معيل لهن، والمرضى، والعجزة، وأبناء السبيل، والخدم، والأجراء.
ومحطتنا اليوم عند فئتين من هذه الفئات؛ ألا وهما : اليتامى والأرامل. ومن خلال معايشة واقعية لجهود بعض الجمعيات الخيرية في الاهتمام باليتامى والأرامل، رصدت أمرًا إيجابيًا وآخر سلبيا لا بد من علاجه، فقد أتيحت لي الفرصة في مؤسسة كافل الخيرية لرعاية الأيتام بجدة للاطلاع المباشر على جهود منسوبيها في هذا المضمار، وهي جهود أغبط أصحابها على ما يبذلونه ويقدمونه لهاتين الشريحتين في المجتمع جزاهم الله خيرًا وجعله في ميزان حسناتهم، وجزى الله الكفلاء خير الجزاء. ويكفينا مجرد معرفة أن عدد الأيتام المكفولين ذكورًا وإناثًا قد بلغ (1821) طفلا وطفلة، هذا في فرع جدة فقط، وإلا ففي مكة المكرمة العدد أكبر بكثير، ولا يوجد طفل بدون كفالة والحمد لله، بل إن الأمر مستمر ومتجدد، فبمجرد تسجيل يتيم في المؤسسة يُسارَع في كفالته واحتوائه برعايتها، إذ إن الكفلاء في ازدياد، وقد يريد إنسان أن يكفل يتيمًا فيظل المبلغ الذي قطعه لذلك باقيا حتى يُسجَل يتيم جديد في المؤسسة. وليس هذا بمستغرب على المجتمع المسلم الذي يسعى أفراده في كفالة يتيم طلبًا لشرف مرافقة النبي "صلى الله عليه وسلم" واستجابة لتوجيهاته الكريمة في هذا الشأن؛ يقول الرسول "صلى الله عليه وسلم" : (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة . وأشار بالسبابة والوسطى وفرق بينهما قليلا)(صححه الألباني)، ويقول: (إنْ أردتَ تليينَ قلبِكَ فأطعِم المسكينَ وامسح رأسَ اليتيم)(حسنه الألباني). وترعى المؤسسة اليتيم ما دام لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر، فإذا خرج من عباءة اليتم رعته عن طريق مساعدته بالتدريب والتوظيف. هذا هو الأمر الإيجابي.
أما الأمر السلبي الواضح، فهو إحجام كثير من الكفلاء عن كفالة الأرامل، بل وندرة الكفلاء للأرامل، فعدد الأرامل المسجلات في المؤسسة طلبًا للكفالة والمساعدة (994) أرملة، منهن (22) أرملة فقط هن مَنْ وجدن مَنْ يكفلهن، وبقيت (972) أرملة لا يجدن مَنْ يكفلهن!!! هذا في جدة وإلا في مكة العدد أكبر .ويرجع السبب في ذلك إلى عدم إدراك كثير من الناس للأجر العظيم الذي وعد الله _سبحانه_ ورسوله الكريم "صلى الله عليه وسلم" مَنْ يكفل الأرملة ويقوم على شأنها، يقول الرسول "صلى الله عليه وسلم": (الساعي على الأرملة و المسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار)(صححه الألباني)، وعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الساعي على الأرملة والمسكين كالساعي في سبيل الله " وأحسبه قال : " كالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر " . (متفق عليه) . فأي أجر عظيم هذا؟ّ فقد عده الله ورسوله جهادًا في سبيل الله أو قيام الليل وصوم النهار، ولكن بعض الناس لا يدركون هذا الأجر، وبعض الكفلاء يصرون على طلب كفالة اليتيم حتى إذا أعلمتهم المؤسسة بعدم وجود أيتام غير مكفولين وقت طلبهم للكفالة وبحاجة أرامل لها، يرفضون ذلك، ويطلبون إبقاء المبلغ حتى يُسجَل يتيم جديد في المؤسسة، ولهم كامل الحرية في ذلك، وجزاهم الله خيرًا، ولكن لنتوقف قليلا، إذا كان هذا التفكير والتوجه هو الغالب في مجتمعنا فمَنْ سيكون للأرامل بعد الله؟! علمًا بأن أولئك الأرامل هن مسؤولات عن أيتام، وتتحمل كل منهن مسؤولية البيت كاملة من إيجار، وفواتير كهرباء، وإطعام، ودواء، وكسوة، وغيرها، وإذا تجاوز أيتامها سن اليتم فقدت وفقدوا كفالتهم، فتزداد عبأً على مسؤوليتها، ويكفى كثيرًا منهن إيجار المنزل عبأً. وتعمل مؤسسة كافل على تأهيل أولئك الأرامل بالعمل على إلحاقهن بالدورات التدريبية كي يعتمدن بعد الله على أنفسهن ويكون لهن مصدر دخل يساعدهن على تدبر مسؤولياتهن، ومن بين مشاريع المؤسسة مشروع (الأسر المنتجة) الذي من خلاله تعمل على عرض وتسويق إنتاج الأرامل، مما يساعدهن اقتصاديًّا.
وتُقدَّر كفالة الأرملة بـ (250) ريال شهريًّا عن طريق الاستقطاع البنكي الشهري، أو بالدفعات البنكية كل ثلاثة أشهر (750) ريال، أو كل ستة أشهر (1500) ريال، أو سنويًّا (3000) ريال. كما يحصل الكافل على تقرير شامل عن الأرملة وحالتها.
فأين المشمّرون؟ وأين المتنافسون في هذا السبق العظيم؟ والله _ سبحانه وتعالى_ يقول: ﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾(الكهف: 30)، ويقول _سبحانه_ : ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ (الرحمن: 60).
ولمَنْ أراد الاستزادة في هذا الأمر ما عليه إلا الاتصال بالمؤسسة، أو الذهاب إليها، وسيجد _بالفعل_ استقبالا حافلا من موظفي وموظفات المؤسسة ومعاملة مميزة جزاهم الله خيرًا، علمًا بأن (كافل لرعاية الأيتام بجدة في _ حي الفيحاء_ شارع عبد الله السليمان) ، وحساب المؤسسة على تويتر (#كافل_لرعاية_الأيتام). وهنيئًا لمَنْ سبق.